للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصره، وقد تولى القيادة الفعلية لكثير من الغزوات والحملات حسبما فصلنا، وكان من قبل من وزراء الأمير عبد الرحمن، فلما صار الأمر إلى ولده محمد، غدا من بين وزرائه أكثرهم حظوة لديه، وغدا من خاصة جلسائه وندمائه، وكان هاشم فوق ذلك أديباً متمكناً وكاتباً بليغاً، وشاعراً مطبوعاً، يقرب الأدباء والشعراء، بيد أنه كان حاد الطبع قليل التحفظ، لا يحسن اصطناع الرجال، حتى أنه لما نكب في غزوة الجليقي وحمل أسيراً إلى ملك ليون (سنة ٢٦٢هـ) لم يجد كثيراً من المدافعين عنه في محنته، وسخط عليه الأمير محمد، وأنحى عليه باللوم، وكان يقول " هذا أمر جناه علينا فألحق بنا غضاضة، واستزاد برأيه فضيع وصاتنا، ولم يحكم تدبير ما صيرنا في يده من أمرنا ". ولم يدافع عن هاشم، ويستدر عطف الأمير عليه سوى صديقه الوليد بن غانم صاحب المدينة أعني حاكم قرطبة، وقد أقنع الأمير بأن يولي وزيره المنكوب عطفه، وأن يستخدم ولده مكانه، حتى يتم إطلاق سراحه. وقد لبث هاشم بن عبد العزيز أسيراً في أوبييدو عاصمة ليون زهاء عامين، حتى تم افتداؤه وإطلاق سراحه لقاء فدية ضخمة حسبما أشرنا إلى ذلك من قبل (١).

وكان من وزراء الأمير محمد، أمية بن عيسى بن شهيد، وكان من أجل وزرائه وآثرهم لديه، وأخصهم بخدمته، والوليد بن غانم المتقدم الذكر، وكانا يتعاقبان في منصب ولاية المدينة، وهو من أهم مناصب الدولة يومئذ، لما يتطلبه من الحزم وقوة الشكيمة، والنزاهة في نفس الوقت. ومنهم تمام بن عامر الثقفي الشاعر الأديب، وكان مؤرخاً راوية كتب أرجوزة طويلة في فتح الأندلس، وقد اشتهر ببراعته في لعبة الشطرنج، وكانت من أسباب حظوته لدى الأمير، وتمكن منزلته لديه، وقد ذاعت في أيامه ذيوعاً عظيماً. ومنهم كذلك سليمان ابن وانسوس، وهو من أشرف البيوتات البربرية، وكان جده رئيساً مطاعاً بماردة، وقد ثار فيها أيام الحكم بن هشام، وكان أديباً وافر الوجاهة، وقد تولى خطة السوق وهو اسم ولاية الحسبة يومئذ. وكان من الوزراء الكتاب عبد الملك بن عبد الله بن أمية، وكان كاتباً بليغاً (٢).


(١) ابن حيان في مخطوط القرويين لوحة ٢٢٨ أوب و٢٣٠ أو٢٣٥ ب.
(٢) مخطوط القرويين لوحة ٢٣٠ ب و٢٣٢ أو٢٣٣ ب و٢٣٥ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>