للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخاه عدوه المطرف؛ ثم قتل أخوين له معاً أيضاً، قتل هشاماً بالسيف، والقاسم أخاه بالسم، إلى من قتله غيرهم " (١).

وتجمل الرواية خلال الأمير عبد الله وصفاته في العبارات الآتية: " وكانوا يعدونه من أصلح خلفاء بني أمية بالأندلس، وأمثلهم طريقة، وأتمهم معرفة، وأمتنهم ديانة، لكنه كان منغص الحال بدوام الفتنة، وتضييق نطاق الخطة، ونقصان مقدار التزكية، حتى كان يتخلله الرياء تحت قناع تقواه، والبخل يطوقه طبيعة ليست له تحط من قدره " (٢) ويزيد ابن حيان على ذلك قوله: " وغمصوا دينه بما كان من هون الدماء عليه، وإسراعه إلى سفكها، حتى من ولديه وإخوته ومن خلفهما من صحابته ورعيته، أخذاً لأكثرهم بالظنة، مقوياً في إيثامهم بالشبهة " (٣).

وكان للأمير عبد الله بالرغم من هذا الجانب المظلم، خلال مشرقة، منها أدبه

وفصاحته وشاعريته. وتنوه الرواية بهذه الموهبة فيقول لنا صاحب أخبار مجموعة،

إن الأمير عبد الله كانت له توقيعات بليغة، وأشعار بديعة في الغزل والزهد،

لا يكاد أن يقع مثلها أو تنسب إلى من تقدْمه نظيرها (٤). ويقول ابن حيان " كان

متصرفاً في فنون، متحققاً منها بلسان العرب، بصيراً بلغاتها وأيامها، حافظاً

للغريب من الأخبار، آخذاً من الشعر بحظ وافر " (٥). ويقول صاحب البيان المغرب

إنه كان شاعراً مطبوعاً له أشعار حسان (٦)، ومن شعره في الغزل قوله:

يا مهجة المشتاق ما أوجعك ... ويا أسير الحب ما أخشعك

ويا رسول العين من لحظها ... بالرد والتبليغ ما أسرعك

تذهب بالسر فتأتي به ... في مجلس يخفى على من معك


(١) راجع نقط العروس لابن حزم ص ٨٧ و٧٩، والمقتبس ص ٤١، وكذلك ص ١٢٢، وابن الأبار في الحلة السيراء ص ٦٩، والبيان المغرب ج ٢ ص ١٦٠ و١٦١.
(٢) ابن حيان، نقلا عن عيسى بن أحمد الرازي، في المقتبس ص ٣٣، والبيان المغرب ج ٢ ص ١٦٠.
(٣) المقتبس ص ٣٩.
(٤) أخبار مجموعة ص ١٥٢.
(٥) المقتبس ص ٣٤.
(٦) البيان المغرب ج ٢ ص ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>