سنة ٨٦٦ م، واختار قبيل وفاته ولده البكر ألفونسو لولاية عهده، فخلفه على العرش باسم ألفونسو الثالث ولما يبلغ الرابعة عشر من عمره.
- ٣ -
وما كاد الملك الفتى يجلس على العرش، حتى ثار عليه الكونت فرويلا حاكم ولاية جليقية وولد الملك برمند، مطالباً بالعرش، وسار في قواته إلى أوبييدو، ففر ألفونسو إلى ولاية ألبة، واستولى فرويلا على القصر، وأعلن نفسه ملكاً.
ولكن الأشراف القوط الذين يرون في العرش رمزهم وملاذهم، لم يرقهم هذا الاغتصاب، فثاروا على فرويلا وقاتلوه حتى قتل، وعاد ألفونسو إلى أوبييدو ظافراً واسترد عرشه.
ولم يمض قليل على ذلك حتى دبر أخوة ألفونسو، وهم فرويلا ونونيو وبرمند وأدفاريوس مؤامرة لعزله وانتزاع العرش منه، ولكن المؤامرة افتضحت قبل نضجها، وقبض ألفونسو على أخوته وعاقبهم بسمل أعينهم واعتقالهم، ولم ينج من بطشه سوى برمند إذ فر إلى أسترقة واستولى عليها، واستطاع بمؤازرة المسلمين أن يستقل بحكمها بضعة أعوام (١).
وكان حكم ألفونسو الثالث الذي استطال أربعة وأربعين عاماً، فاتحة عهد جديد من القوة والنهوض بالنسبة للمملكة النصرانية، وكان ألفونسو أميراً وافر العزم والكفاية، فاستطاع خلال حكمه الطويل بالحروب والزواج أن يدفع حدود مملكته حتى جبال البرنيه شرقاً؛ وعبر نهر دويرة إلى أراضي المسلمين مراراً، ووصل في غزواته إلى ضفاف التاجُه، وغزا عدة من المدن الإسلامية المتاخمة مثل ماردة وقلمرية وبازو وقورية وشلمنقة؛ ومع أنه لم يستطع أن يضم هذا البسيط إلى مملكته، فانه استطاع أن يشدد الضغط على الأندلس من هذه الناحية، وأن يرد تيار الغزوات الإسلامية. وفي سنة ٨٧٨ م حاول المسلمين غزو ليون وأسترقة، ْفبادر ألفونسو إلى لقائهم، وهزمهم في موقعتين على مقربة من سمورة، وأرغم أخاه برمند على الفرار من أسترقه، والالتجاء إلى المسلمين. وفي سنة ٨٨١ م غزا ألفونسو أراضي المسلمين وعبر دويرة والتاجه، ووصل في زحفه حتى أحواز ماردة ووادي أنة، وهو مدى لم يبلغه أحد من أسلافه. وتقول الرواية النصرانية