للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكنيسة ورجال الدين يحظون منه بأوفر قسط من الرعاية والإغداق، وكان هذا الجود المغرق يحمله على الإسراف في فرض الضرائب على الطوائف المدنية، وبذا يبث إليها بذور السخط والانتقاض (١).

وفي أواخر عهد ألفونسو نشبت الحرب بينه وبين بني قسي سادة الثغر الأعلى، وأغار زعيمهم محمد بن لب غير مرة على أراضي المملكة النصرانية ونافار.

وكذلك نشبت الحرب بين ألفونسو وبين ابن القط المعروف بالمهدي الذي تزعم البربر في منطقة سمورة حسبما فصلنا ذلك في موضعه. ولكن هذه المعارك التي وقعت يومئذ بين المسلمين والنصارى لم تتسم بالطابع الرسمي، وكان يضطلع بها الزعماء الخوارج على حكومة قرطبة، ومن ثم فقد استمر التهادن بين حكومة قرطبة وبين المملكة النصرانية طوال عهد الأمير محمد، فإبنه الأمير المنذر، ثم أخيه الأمير عبد الله. وبالرغم من أن ألفونسو لم يكن يترك فرصة لإذكاء الفتنة في المملكة الإسلامية وتعضيد الخوارج عليها، فإنه التزم عهده المعقود معها، ولم يقم بغزوات ذات شأن في الأراضي الخاضعة لها.

ودبرت عدة مؤامرات لخلع ألفونسو وانتزاع العرش منه. وكان المتآمرون من خاصة أسرته. وحاول المتآمرون لأول مرة تمكين أولاده وزوجه خمينا من الحكم، ولكن ألفونسو استطاع أن يقف على المؤامرة وأن يقضي عليها. وقبض على ولده غرسية واعتقله في قلعة أوبييدو. ولكن هذا الفشل لم يفت في عضد المتآمرين، فدبروا مؤامرة جديدة برياسة الملكة خمينا، وهي امرأة ذات أطماع تهيم بالسلطان، واشترك في تدبيرها الكونت نونيو صاحب برغش وأولاد الملك الثلاثة وهم: أردونيو وفرويلا وجند سالفوس، وانضم إليهم قسم من الجيش وفريق كبير من الشعب، وسيطروا على كثير من المعاقل. وخشى ألفونسو عاقبة الحرب الأهلية فقبل شروط الثوار، ونزل عن العرش لولده الأكبر غرسية، وعين أردونيو حاكماً لجليقية، وفرويلا حاكما لأشتوريش، ووقع ذلك في سنة ٩١٠ م، وبذا اختتم ألفونسو عهده الذي استطال أربعة وأربعين عاماً. ولم يمض قليل على ذلك حتى توفي في شهر اكتوبر من نفس العام وقد جاوز الثامنة والخمسين من عمره (٢).


(١) Aschbach: ibid, B.I.s. ٣٤٥ & ٣٥٢
(٢) Cronica General: ibid, Vol. II. p. ٣٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>