للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعتدائهم المتكرر، وبعث بعض قواته بقيادة محمد بن لب بن قسي صاحب تطيلة لاحتلال قلعة قلقرة (١) التي كان سانشو يتخذها قاعدة للإغارة عليها، فألفوها خالية، وزحف عبد الرحمن في الوقت نفسه على حصن قلهرّة وكان به سانشو في قواته، ففر عند اقترابه، واحتله المسلمون وغنموا كل ما فيه ثم دمروه، وانتسفوا الأراضي المحيطة به، ولجأ سانشو إلى حصن أرنيط (أورنيدو) الواقع جنوب غربي قلهرة. والظاهر أن النصارى اعتزموا ألا يعترضوا سبيل المسلمين في تلك المنطقة كلها، وفقاً لخطة وضعوها لاستدراج المسلمين. فلما عبر عبد الرحمن بقواته نهر إيبرو (إبرة) فاجأه سانشو في قواته، وهاجم مقدمة المسلمين، ولكن عبد الرحمن كان يقظاً متأهباً، فتعاون الفرسان والرماة المسلمون على النصارى، وأثخنوا فيهم، فارتدوا إلى شعب الجبال واعتصموا بها. ولجأ سانشو إلى حليفه أردونيو ملك ليون، وجمع الملكان قواتهما من سائر النواحي وتربصا للقاء المسلمين في مواقع منيعة، وعلم عبد الرحمن باجتماع القوات النصرانية على هذا النحو، فأمر بإحكام التعبئة، ومضاعفة الاستعداد، فلما نفذ الجيش الإسلامي إلى شعب الجبال، انحدر النصارى لمهاجمته واشتبكوا بمؤخرته وأحدثوا بها اضطراباً وخسائر، فشعر عبد الرحمن بخطر المأزق، وبادر بالخروج من الشعب الضيقة إلى السهل المنبسط. وهنالك عسكر بجيشه في مكان يسمى " خونكيرا " Junquera على مقربة من غربي بنبلونة، واستعد للقاء النصارى. وهنا طمع النصارى في محاربة المسلمين فانحدروا إلى السهل بعد أن كانوا في حمى الجبال، ولكنهم دفعوا ثمن جرأتهم هزيمة فادحة، وأمعن المسلمون فيهم قتلا وأسراً، ولم ينقذهم من الفناء الشامل سوى دخول الليل، وقتل وأسر كثير من أكابر فرسانهم وزعمائهم، ومن بينهم أسقفان هما دولثديو أسقف شلمنقة وأرمخيو أسقف توى، وقد كانا يحاربان كجنديين، ولجأ نحو ألف من النصارى، أو أزيد من خمسمائة على قول آخر، إلى قلعة مويش القريبة، فاقتحمها المسلمون، واستخرج النصارى الذين بها، ومنهم عدد من القوامس ووجوه الفرسان، فأمر عبد الرحمن بإعدامهم جميعاً، ومزق النصارى كل ممزق، وانهارت كل مقاومة،


(١) وهي بالإسبانية Carcar وهي تقع على مقربة من شمالي قلهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>