للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإعداد جيش ضخم، حسن الأهبة، لغزو المغرب، ومقاتلة الحسن بن كنون، تحت إمرة قائده محمد بن القاسم بن طملس، كما أمر قائد البحر عبد الرحمن بن رماحس بحشد الأسطول. وعبر محمد بن القاسم في قواته من الجزيرة الخضراء إلى سبتة، في شوال سنة ٣٦١ هـ (يوليه ٩٧٢ م)، وكان الحسن بن كنون عندئذ في طنجة، فخرج في جموع البربر لقتال جيش الحكم، فوقعت عليه الهزيمة وقتل كثير من أصحابه، وفر هارباً تاركاً أمواله وعتاده بطنجة، واستسلم أهل طنجة إلى محمد بن القاسم، وأعلنوا طاعتهم للحكم؛ ودخل محمد طنجة واحتلها، وبعث إلى الحكم بفتحها. ثم طارد فلول الحسن بن كنون جنوباً حتى ثغر أصيلا، ودخلها.

وفي تلك الأثناء كان الحسن قد جمع فلوله، وأعاد تنظيم قواته، وسار إلى لقاء جيش الحكم مرة أخرى، فالتقى الجمعان في مكان يعرف بفحص مهران؛ وهنا حالف الحسن حسن الطالع، فدارت الدائرة على جند الأندلس، وقتل منهم عدة كبيرة فرساناً ومشاة، وفي مقدمتهم قائدهم محمد بن القاسم، وبلغ القتلى من الفرسان وفق تقدير الرازي خمسمائة ومن الرجالة ألفاً، وكان ذلك في الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة ٣٦٢ هـ، وفرت فلول الأندلسيين إلى سبتة فامتنعوا بها، وبعثوا إلى الحكم يطلبون الإنجاد والغوث (١).

وأراد الحسن في نفس الوقت أن يستغل نصره بطلب الصلح، وتقديم الطاعة وتبادل الرهائن، وبعث أمير البحر عبد الرحمن بن رماحس بذلك إلى الحكم، فكتب الحكم إليه ومن معه من القادة يوصيهم بالاستمرار في مجاهدة الملحد، ومجاهدة من معه، حى يفتح الله عز وجل فيه وفيهم. وكان مما قاله في كتابه: " أن أفضل ما احتمل عليه، وعمل به، استشعار الحزم، وادراع التحفظ، واستنصاح الاتهام، وإذكاء العيون، وبث الجواسيس، والاستكثار منهم، ومن حملة الأخبار حتى لا يخفي لحسن - أهلكه الله - حركة، ولا يتوارى له مذهب ".

ومما كتبه الحكم إلى عبد الرحمن بن يوسف بن أرمطيل قائد ثغر أصيلا،


(١) راجع مجموعة " نُبذ تاريخية في أخبار البربر " التي سبق ذكرها ص ٨. وابن حيان في المقتبس - قطعة أكاديمية التاريخ ص ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>