للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن حباه مرة أخرى، إذ ولدت "جعفر" ولداً آخر سماه أبوه هشاماً وكنيته أبو الوليد، فكان ولي عهده الملقب بالؤيد. " فعظم استبشاره به وسروره بموهبة الله فيه " (١). وحضر الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي وقت البشارة بولادته، وأنشد هذه الأبيات:

أطلع البدر في سحابه ... وأطرف السيف من قرابه

وجاءنا وارث المعالي ... ليثبت الملك في نصابه

بشرنا سيد البرايا ... بنعمة الله في كتابه

وكان مولد هشام المؤيد سنة ٣٥٤ هـ (٩٦٥ م)، وكان مؤدبه مذ بلغ الثامنة من عمره الفقيه أحمد بن محمد بن يوسف القسطلي، وقد أمر الحكم بأن تعد لتعليمه الدار المعروفة بدار الملك بقصر الزهراء، وأن تزود بجميع ما يحتاج إليه لذلك. وكان قعود هشام مع مؤدبه في المجلس الشرقي منها في رمضان سنة ٣٦١ هـ، وندب الحكم وصيفه الفتى ذكاء ناظراً للأمير متكفلا بشئونه (٢). وفي أواخر سنة ٣٦٣ هـ ندب الخليفة العلامة النحوي أبا بكر الزبيدي الإشبيلي ليقوم بتدريس العربية وعلومها لولي العهد. وفي العام التالي ندب الفقيه المحدث يحيى بن عبد الله ابن يحيى ليقوم بإسماعه الحديث. وكان يومئذ عمدة المحدثين بقرطبة (٣). وسنرى أي دور عظيم تلعبه فيما بعد، أم هشام جعفر أو صبح النافارية، على مسرح الحوادث.

وأما عن شخص الحكم، فقد كان حسبما تصفه الرواية، أبيض مشرباً بحمرة، أعين، أقنى، جهير الصوت، قصير الساقين، ضخم الجسم، غليظ العنق، عظيم السواعد، أفقم (٤).

* * *

يمتاز عصر الحكم المستنصر بظاهرة، من ألمع الظواهر في تاريخ الدولة


(١) البيان المغرب ج ٢ ص ٢٥٢ و٢٥٣، وأعمال الأعلام لابن الخطيب ص ٤٣.
(٢) ابن حيان في المقتبس - قطعة أكاديمية التاريخ ص ٧٦ و٧٧.
(٣) المقتبس - قطعة أكاديمية التاريخ ص ١٣٣ و٢١٦.
(٤) البيان المغرب ج ٢ ص ٢٤٩. والأعين هو ذو العينين السوداوين النجلاوين، والأقنى ذو الأنف المرتفع الأعلى والمحدودب الوسط، والأفقم أي الأعرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>