للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيرّا مورينا (جبل الشارّات) التي تفصل بين الأندلس وقشتالة، بإرشاد يوليان وأصحابه. وكان القوط قد فروا منها نحو الشمال بأموالهم وآثار قديسيهم. ولم يبق بها سوى اليهود وقليل من النصارى، فاستولى طارق عليها، وأبقى على من بقي من سكانها، وترك لأهلها عدة كنائس، وترك لأحبارها حرية إقامة الشعائر الدينية، وأباح للنصارى من القوط والرومان اتباع شرائعهم وتقاليدهم، واختار لحكمها وإدارتها أوباس مطرانها السابق وأخا الملك وتيزا. وتابع طارق زحفه شمالا، فاخترق قشتالة ثم ليون في وهاد ومفاوز صعبة، وطارد فلول القوط حتى أسترقة؛ فلجأت إلى قاصية جليقية واعتصمت بجبالها الشامخة. وعبر طارق جبال أشتوريش (أستورياس) (١) واستمر في سيره حتى أشرف على ثغر خيخون الواقع على خليج بسكونية (غسقونية) فكان خاتمة زحفه ونهاية فتوحاته، ورده عباب المحيط عن التقدم فعاد إلى طليطلة حيث تلقى أوامر موسى بوقف الفتح. وكان ذلك لعام فقط من عبوره إلى اسبانيا.

وقد اختلف المؤرخون في تعليل البواعث التي حملت موسى على أن يصدر أوامره إلى طارق بوقف الفتح، فقيل إن موسى لم يكن يتوقع كل هذا الفوز لقائده ومبعوثه، فلما وقف على مبلغ فوزه وتقدمه، تحول إعجابه به إلى حسد وغيرة، وخشى أن ينسب ذلك الفتح العظيم إليه دونه، فكتب إليه ألا يتقدم


= من إشبرش وهو الكوكب المعروف بالأحمر. وسميت بعد ذلك بالأندلس من أسماه الأندليش من الذين سكنوها ". والأندليش هم الوندال Vandals. ( أبو عبيد البكرى في جغرافية بلاد افريقية والمغرب طبعة دى سلان). وهذا هو التعليل الذي يأخذ به دانفيل Danville إذ يقول إن الاشتقاق مأخوذ من كلمة فاندالوسيا Vandalusia أى بلد الوندال، (نقله جيبون عن كتاب ممالك أوربا في هامش الفصل الحادي والخمسين). وهذا ما يقرره الغزيري أيضا في معجم مخطوطات الإسكوريال ( Bibliotheca Arabico - Hispana Escurialensis II, p.٢٣٧)
(١) وهنا تذكر الرواية العربية أن طارقا انتهى إلى مدينة المائدة خلف جبال أستوريه واستولى على مائدة سليمان بن داود، وهي خضراء من زبرجد حافاتها منها وأرجلها ثلثمائة وخمسة وستون. ويقال إن هذه المائدة غنمها الرومان من المشرق أو بيت المقدس في بعض غزواتهم ثم نقلوها إلى رومة، فغنمها القوط حين افتتحوا رومة، ثم أحرزها العرب عند فتح اسبانيا. وذكر ابن الأثير أن أحد ملوك اسبانيا في عهد الوندال غزا بيت المقدس وأحرز المائدة (ج ٤ ص ٢١٢). وذكر صاحب الروض المعطار، كما ذكر بعض مؤرخي الإفرنج، أن هذه المائدة هي من نفائس ملوك القوط، وأن العرب عثروا بها في كنيسة طليللة وهو أقرب إلى المعقول. (الروض المعطار ص ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>