للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ولاية عهده، ويطلب إليه أن ينقذه من أسر البربر وسليمان؛ ويقول لنا ابن حيان، إن هشاماً المؤيد لما رأى اضطراب أمره وتصرم دولته، قد منح علي ابن حمود ولاية عهده، وأوصى إليه بالخلافة من بعده، وأرسل إليه ذلك بسبتة سراً، وولاه طلب دمه، واستكتمه السر حتى يحين الأوان لذلك (١).

فذاعت دعوة علي، ولباها بعض حكام الثغور الجنوبية مثل، عامر بن فتوح الفائقي مولى الحكم المستنصر ووزير ولده المؤيد، وكان يومئذ حاكماً لمالقة.

وكتب إليه خيران أن يعبر إليهم. فعبر علي من سبتة إلى الجزيرة الخضراء في أواخر سنة ٤٠٦ هـ (١٠١٦ م) وسار في أشياعه من البربر إلى مالقة، فسلمها إليه عامر ابن فتوح، ودعا له بولاية عهد المؤيد حال ظهوره حياً، وسار خيران في قواته والتقى بعلي في ثغر المنكب الصغير، ما بين مالقة وألمرية، فجمع الزعيمان قواتهما ونظما خطتهما للزحف على قرطبة، وبويع علي بن حمود على طاعة المؤيد. ثم سارت القوات المتحدة صوب قرطبة، وانضم إليها خلال السير زاوي بن زيري وحبوس الصنهاجي في قوة من بربر غرناطة. وكان سليمان المستعين، قد ترامت إليه أنباء أولئك الخوارج عليه، وزحفهم لقتاله، فخرج من قرطبة للقائهم في جند البربر، والتقى الفريقان في ظاهر قرطبة على قيد عشرة فراسخ منها، ونشبت بينهما معركة شديدة، انتهت بهزيمة سليمان، وقتل عدد جم من أنصاره، وكان سليمان وأبوه الحكم، وأخوه عبد الرحمن، بين الأسرى.

ودخل علي بن حمود قصر قرطبة في الثامن والعشرين من محرم سنة ٤٠٧ هـ (أول يوليه سنة ١٠١٦ م) وبحث عن هشام المؤيد فلم يجده، وكان الاعتقاد سائداً بأن سليمان أخفاه ولم يقتله، فلما علم بأنه قُتِل، أتى بسليمان وأبيه وأخيه وقتلهم بنفسه انتقاماً للمؤيد. ثم أعلن وفاة المؤيد، ودعا إلى البيعة لنفسه، فبويع بالخلافة وتلقب بالناصر لدين الله، وكانت مدة خلافة سليمان الثانية مذ دخل قرطبة إلى أن قتل ثلاثة أعوام وبضعة أشهر، وكانت أمه أم ولد تدعى ظبية ومولده في سنة ٣٥٤ هـ (٢).


(١) البيان المغرب ج ٣ ص ١١٤ و١١٦.
(٢) البيان المغرب ج ٣ ص ١١٦ و١١٧ و١١٩ ر ١٢٠، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٢١ وج ٤ ص ١٥٣؛ والمراكشي ص ٢٤؛ وأعمال الأعلام ص ١٢٩؛ ونفح الطيب ج ٦ ص ٢٢٤، وجذوة المقتبس ص ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>