للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء والتابعين " و" مصابيح الهدى " وغيرها، وكان محمد بن عمر بن لُبابة يقول فيه: عبد الملك بن حبيب عالم الأندلس، ويحيى بن يحيى عاقلها، وعيسى ابن دينار فقيهها. وتوفي عبد الملك بن حبيب في سنة ٢٣٨ هـ (١).

وفي عصر الحكم بن هشام تتخذ الحركة الفكرية، التي غلب عليها الطابع الديني، حتى ذلك الوقت، طابعاً أدبياً واضحاً، ويبدأ ظهور الكتاب والشعراء المبرزين، وكان الحكم نفسه في مقدمة شعراء عصره وأدبائه، وكان له نظم بارع أوردنا فيما قدم طرفاً منه. ومن شعراء هذا العصر، عباس بن ناصح الجزيري المصمودي، وهو من أهل الجزيرة، وقد رحل إلى مصر والحجاز والعراق، وتلقى على علمائها، ودرس الفقه، ولقي الأصمعي وغيره ببغداد، ثم عاد إلى الأندلس، ومدح الأمير الحكم فندبه لقضاء الجزيرة، وكان بارعاً في اللغة وشاعراً جزلا، يسلك في شعره مسلك العرب القديمة، وكان له أيضاً حظ من الفقه (٢). وكان ولده عبد الوهاب بن عباس بن ناصح أيضاً، فقيهاً وشاعراً محسناً (٣)، وكان من الكتاب والشعراء أيضاً حاجب الحكم وقائده عبد الكريم ابن عبد الواحد بن مغيث، ومؤمن بن سعيد. وكان مؤمن شاعراً مبرزاً كثير الشعر. وكان حاد النكتة والنادرة، ومن شعره قوله:

حرمتك ما عدا نظراً مضراً ... بقلب بين أضلاعي مقيم

فعيني منك في جنات عدن ... مخلدة وقلبي في الجحيم (٤)

وبلغ الشعر في عصر الحكم ذروته، على يد شاعرين كبيرين، هما العلامة عباس ين فرناس ويحيى الغزال الجيّاني. وكان أولهما عالماً بالفلسفة والفلك والكيمياء الصناعية والموسيقى. وقد أشرنا فيما تقدم إلى مخترعاته العلمية، وإلى محاولته اختراع طريقة لطيران الإنسان. وكان ثانيهما كذلك عالماً بالفلسفة والفلك، وقد عاش كلاهما طويلا بعد عصر الحكم، وفيما أوردناه فيما تقدم من شعرهما دليل على براعتهما في هذا الميدان.


(١) راجع ابن الفرضي، علماء الأندلس، رقم ٨١٦.
(٢) راجع ابن الفرضي رقم ٨٨١.
(٣) ابن الفرضي رقم ٨٨١.
(٤) راجع جذوة المقتبس للحميدي رقم ٨٢٦، وقضاة قرطبة للخشني (مصر) ص ١٠٣ و١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>