على ما حولها من الأراضي ومنها "جبل العيون"(١)، واستمر في حكم دولته الصغيرة زهاء عشرين عاماً، ثم توفي سنة ٤٣٤ هـ، وأوصى بالحكم من بعده لأخيه أبي عبد الله محمد بن يحيى اليحصبي الملقب بعز الدولة، فمضى في حكمها على ما كان عليه من النظام والرخاء والأمن، حتى بدأ المعتضد بن عباد يرهقه بمطالبه وغاراته، ثم كشف المعتضد القناع، وهاجم لَبلة بقواته. فاستغاث ابن يحيى بصديقه المظفر ابن الأفطس صاحب بطليوس، فلبى نداءه وسار إلى نجدته بقواته، وحرك في نفس الوقت بعض حلفائه البربر إلى مهاجمة إشبيلية. ولما وقف الوزير أبو الوليد بن جهور على تلك الحركة أهمته، وتوجس من عواقبها، فأرسل إلى الزعماء المتخاصمين رسله ينصحهم بوجوب التريث، والتمسك بأهداب التفاهم والسلم، ويحذرهم من عواقب الفتنة، فلم يصغ إليه أحد منهم، وبادر المعتضد، في الوقت الذي سارت فيه قوات ابن الأفطس إلى إنجاد ابن يحيى، فأرسل قواته لمهاجمة أراضي ابن الأفطس، فعاثت فيها وخربتها، ثم سار المعتضد بنفسه إلى لبلة، ووقعت بين الفريقين معارك شديدة، هزم فيها ابن الأفطس أولا، ثم دارت الدائرة بعد ذلك على المعتضد، وقتل عدد كبير من جنده (٤٣٩ هـ - ١٠٤٧ م). وسارت بعض طوائف البربر في نفس الوقت، وعاثت في شرقي إشبيلية، وقطعت الطرق، وفتكت بالسابلة، وساءت الأحوال في المنطقة كلها.
والظاهر أن ابن يحيى رأى في النهاية أن يتفاهم مع المعتضد بعد الذي نزل ببلاده من الخراب والعيث، فعقد معه الصلح. ولكن ذلك لم يرض المظفر بن الأفطس، فأبى أن يرد إلى ابن يحيى ودائعه وأمواله، التي أودعها عنده حينما هاجمه المعتضد، ثم أرسل قواته لمهاجمة لبلة، فاستغاث ابن يحيى بالمعتضد فأرسل إليه الأمداد، واستمرت المعارك بين الفريقين حيناً.
تم عادت الحرب فاضطرمت بين المعتضد وابن الأفطس في سنة ٤٤٢ هـ (١٠٥٠ م) وعاث المعتضد في أراضي ابن الأفطس، وافتتح منها عدة حصون ضمها إلى مملكته، وأتلف الزروع وخرب كثيراً من القرى، وقتل الكثير من جند ابن الأفطس، ونضبت موارده، فانتهى إلى الاعتصام بحاضرته بطليوس وذلك على ما نفصله فيما بعد في أخبار مملكة بطليوس. وأخيراً تدخل الوزير