للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجاياك إن عافيت أندى وأسمح ... وعذرك إن عاقبت أجلي وأوضح

وإن كان بين الخطتين مزية ... فأنت إلى الأدنى من الله تجنح

حنانيك في أخذي برأيك لاتطع ... عداي ولو أثنوا عليك وأفصحوا

ومنها:

أقلني بما بيني وبينك من رضى ... له نحو روح الله باب مفتح

وعفِّ على آثار جرم سلكتها ... بهبة رحمي منك تمحو وتصفح

ولا تلتفت قول الوشاة وزورهم ... كل إناء بالذي فيه يرشح

ومنها:

ْإلا إن بطشاً للمؤيد يرتمي ... ولكن حلماً للمؤيد يرجح

وبين ضلوعي من هواة تميمة ... ستشفع لو أن الحمام مجلح

سلام عليه كيف داربه الهوي ... إلى فيدنو أو على فينزح

ليهنئه إن مت السلوُّ فإنني ... أموت ولي شوق إليه مبرِّح (١)

على أن تضرع ابن عمار لم يؤثر في مليكه الصارم، ولم تجد الرحمة سبيلا إلى قلبه؛ ويقال إنه مما قضى على عطف المعتمد، وحفزه إلى التعجيل بالقضاء على وزيره، هو أن ابن عمار، حينما وعده المعتمد بصفحه، حدّث بذلك ولده الرشيد، وذاعت القصة بعد ذلك، ونقلها أبو بكر بن زيدون عدو ابن عمار الألد إلى المعتمد، فاضطرم سخطاً على ابن عمار، ونهض من فوره، وفي يده طبرزين (٢) كان قد أهداه إليه ألفونسو ملك قشتالة، وذهب إلى حيث كان ابن عمار يرسف في أغلاله، ففزع ابن عمار لرؤيته، وارتمى على رجليه يقبلهما ويبللهما بدموعه، ولكن المعتمد أخذ يضربه بتلك الآلة حتى أجهز عليه، ولم يتركه إلا جثة هامدة تضرجها الدماء، ثم أمر به فغسل وكفن، ودفن في ركن من " القصر المبارك ". وكان مصرع ابن عمار على هذا النحو المؤسى في أواخر سنة ٤٧٧ هـ (أوائل ١٠٨٥ م) (٣).


(١) وردت هذه القصيدة في قلائد العقيان ص ٩٨، وأعمال الأعلام ص ١٦١، وفي المعجب ص ٦٧ و ٦٨.
(٢) هو آلة أشبه بالبلطة.
(٣) راجع دوزي: Hist. Abbadidarum, V. II. p. ١١٨-١١٩. , والمعجب ص ٦٨ و٦٩. ويقول لنا المراكشي إن مصرع ابن عمار وقع في سنة ٤٧٩ هـ. وراجع ترجمة ابن عمار وأحداث حياته كلها مفصلة في الحلة السيراء ج ٢ ص ١٣١ - ١٦٥. ونقلها دوزي بنصها في: Hist. Abbad.. ( ص ٨٨ - ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>