للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومواطن ضعفها، وأن يستغل ذلك فيما بعد، في تدبير القضاء على مملكة المحسن إليه (١).

وقد أشرنا من قبل عند الكلام على دولة بني جهور بقرطبة، إلى ما حدث من محاولة المأمون بن ذى النون غزو قرطبة، وانتزاعها من يد الجهاورة، وكيف استغاث عبد الملك بن جهور بصديقه ابن عباد، فبعث إليه بالمدد تحت إمرة قائديه خلف بن نجاح ومحمد بن مرتين، ورد المأمون عن المدينة، ولكن قوات ابن عباد استولت عليها بطريقة غادرة، وفقاً لخطة سرية وضعها المعتمد ابن عباد من قبل، وانتهى الأمر بالقضاء على دولة الجهاورة (٤٦٢ هـ - ١٠٧٠ م) وندب المعتمد لحكمها ولده الحاجب سراج الدولة عباداً بن محمد بن عباد، وأبقى معه حامية بقيادة ابن مرتين.

ولكن المأمون بن ذى النون لم يقف عند هذا الحد، ولبث يتحين الفرصة لتنفيذ مشروعه في الاستيلاء على قرطبة، وهنا لجأ إلى سلاح التآمر والدس، فاتصل برجل من رجاله يدعى حكم بن عكاشة، وكان مغامراً وافر الجرأة، وكان من قبل من معاوني ابن السقاء، وزير بني جهور، فلما قتل ابن السقاء، قبض عليه فيمن قبض عليهم، وزج إلى السجن، ففر من محبسه ولحق بالمأمون ابن ذى النون، فاستخدمه وولاه أحد الحصون القريبة من قرطبة، وكان "شهماً صارماً". وتفاهم المأمون مع ابن عكاشة، على تدبير مؤامرة للفتك بالعباديين وأميرهم، والاستيلاء على قرطبة. فوضع ابن عكاشة خطته، ولبث يدبر أمره، ويحشد إلى جانبه من استطاع من المغامرين، وفي ذات ليلة دخل المدينة في جمع من شيعته بواسطة رجال من أنصاره فتحوا له الأبواب، ولم يفطن قائد العباديين ابن مرتين إلى ما يحدث من حوله، وكان رجلا متهاوناً، عاكفاً على لهوه وشرابه. وقصد المغيرون دار ابن جهور حيث كان يقيم سراج الدولة، ودهموه على غرة، فلقيهم في نفر من رجاله، وقتل مدافعاً عن نفسه. ثم قصدوا بعد ذلك إلى دار ابن مرتين، وكان منكباً على لهوه، فلما وقف على الخبر، فر تحت جنح الظلام، ولكنه أخذ بعد أيام قلائل وقتل. وفي صباح اليوم التالي


(١) راجع البيان المغرب ج ٢ ص ٢٣٢، والذخيرة القسم الرابع المجلد الأول ص ١٢٤، وكذلك: P.y Vives: Los Reyes de Taifas p. ٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>