قونقة تسقط في يد سانشو راميرز ملك أراجون، لولا أن افتداها أهلها بمبلغ كبير من المال. وحاول القادر أن يرد خصومه، فبعث جنده تحت إمرة الفتى بشير لمقاتلة ابن هود وراميرز، ولكنهما انصرفا دون قتال. وعندئذ اضطر القادر أن يتجه ببصره إلى ألفونسو السادس ملك قشتالة، وأن يلتمس عونه وحمايته.
وكان المأمون قد اعترف بطاعته من قبل، وقبل تأدية الجزية. وحذا القادر بالطبع حذوه، ولكن ملك قشتالة أخذ عندئذ يشتط في مطالبه، ويطالب القادر بالمال تباعاً، وبتسليم بعض حصونه القريبة من الحدود، وقد تسلم منها بالفعل حصون سرية وفتورية وقنالش، كل ذلك والقادر عاجز عن رده، مرغم على إرضائه، حتى كادت خزائنه تنضب، وكان خصومه في الداخل من جهة أخرى يدبرون السعي لإسقاطه. وأخيراً اضطرمت طليطلة بالثورة، فاضطر القادر أن يلوذ بالفرار، وأن يلجأ مع أهله وولده إلى حصن من حصونه الشرقية، هو حصن وبذة (٤٧٢ هـ) وألفى أهل طليطلة أنفسهم بلا أمير، ولا حكومة تقي المدينة شر الفوضى، فرأى الجماعة منهم أن يستدعوا المتوكل بن الأفطس أمير بطليوس، ليتولى أمرهم، وقبل المتوكل هذه المهمة كارهاً، وقدم إلى طليطلة، وقام بالأمر فيها.
وفي تلك الأثناء سار القادر بن ذى النون من ملجئه إلى مدينة قونقة، وكتب إلى ألفونسو ملك قشتالة يذكره بسالف الود بينه وبين جده المأمون، وما كان للمأمون من فضل في عونه وإغاثته، ويطلب منه العون في محنته. فاستجاب ألفونسو لدعوته، وهو يزمع في قرارة نفسه، أن ينتهز كل فرصة سانحة، وسار معه إلى طليطلة في سَريَّة من فرسانه. وكان المتوكل بن الأفطس خلال ذلك يجد في اقتناص كل ما يستطيع اقتناصه من أسلاب القادر، من أثاث وفراش وآنية وسلاح وكتب وغيرها، حتى بعث منها إلى بطليوس المقادير الجمة.
فلما شعر بحركة ألفونسو ومقدم القادر، غادر طليطلة مسرعاً إلى حاضرته، وذلك بعد أن قضي في حكمها زهاء عشرة أشهر، ويقال إن ألفونسو حاصر طليطلة بقواته، واضطر ابن الأفطس أن يغادرها بطريق الفرار (إبريل ١٠٨٠)(١).
(١) ابن الخزرجي في كتاب الاكتفاء في أخبار الخلفاء، ونقله دوزي في: Hist.Abba-didarum V.II.p. ١٦