للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحصون والقصر الملكي، والمنية المسورة التي كان ينزل بها ملكهم. وأما بالنسبة ْللقادر فقد تكفل ملك قشتالة بأن يمكنه من الاستيلاء على بلنسية، وقيل بل عرض عليه أيضاً أن يحصل له على دانية وشنتمرية الشرق، إذ كان يعرف جيداً أنها إذا خلصت للقادر، فستكون في الواقع ملكاً له ورهن تصرفه، وأن القواعد الشرقية كلها سوف تخضع له عن طريق ملكها الإسمي الضعيف، أعني القادر (١).

تلك هي الشروط التي اتفق عليها لتسليم طليطلة، وتظاهر ملك قشتالة بقبولها، وتعهد باحترامها وعدم النكث بها. وكان ذلك في اليوم السادس من شهر مايو سنة ١٠٨٥ م. ومضى على ذلك زهاء أسبوعين آخرين، كان يستعد خلالهما القادر لتهيئة أسباب الرحيل، وإخلاء المدينة. وفي يوم الأحد الخامس والعشرين من مايو (فاتحة شهر صفر سنة ٤٧٨ هـ) دخل ألفونسو السادس مدينة طليطلة ظافراً، ونزل في الحال بقصرها المشهور، وهو الذي كان ينزل به أيام محنته في ضيافة المأمون، وعهد بحكم المدينة إلى سسنندو، فسلك مع أهلها مسلك المودة واللين، وبذل جهده ليخفف عنهم وقع هذا التبديل في مصايرهم، فاستمال قلوب الكثيرين منهم، وأقبل بعض العامة على التنصر، ونصح سسنندو إلى مليكه أن يلتزم الاعتدال والروية في معاملة المدينة المفتوحة، وأن يقف مؤقتاً عند هذا الحد، وألا يلح على ملوك الطوائف خوفاً من أن تنقلب الآية، فيتجهوا بأبصارهم إلى وجهة أخرى (٢).

واستتبع استيلاء ألفونسو على طليطلة استيلاؤه على سائر أراضي مملكة طليطلة، الباقية بعد الذي استولى عليه منها ابن عباد صاحب إشبيلية، أعني قسمها الواقع شمال نهر التاجه من طلبيرة غرباً حتى وادي الحجارة وشنتبرية شرقاً، وهي تتضمن ثمانين موضعاً بها مساجد، هذا عدا القرى والضياع (٣).

أما الملك المنكود يحيى القادر بن ذى النون، فقد غادر طليطلة بأهله وأمواله، ومعه جماعة كبيرة من الكبراء والأشراف الذين آثروا مغادرة المدينة المفتوحة


(١) Mariana: Historia General de Espana (Cap. ١٦) . وكذلك: R. Menendez Pidal: La Espana del Cid (Madrid ١٩٤٧) p. ٣٠٦
(٢) الذخيرة القسم الرابع المجلد الأول ص ١٣١.
(٣) كتاب الإكتفاء للخزرجي، ونقله دوزي في: Hist. Abbadidarum V.II.p. ٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>