للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وادي آش. وكان يرابط هنالك مترقباً رحيل عمه. فبادر بالسير إلى غرناطة، ودخلها في موكبه وطبوله، واحتلها فلم يعارضه أحد من قومه، وتربع في رياستها من وقته. وقيل إن عمه زاوي اختاره ليخلفه قبل رحيله. وقيل من جهة أخرى إن نزاعاً حدث بسبب ذلك، بينه وبين ابن عمه جلالي بن زاوي، ولكنه انتهى برحيل جلالي ولحاقه بأبيه، وخلصت له الرياسة، ومن ذلك الحين تبدأ بغرناطة دولة بني زيري بن مناد (١).

وبدأت ولاية حبُّوس لغرناطة في سنة ٤١١ هـ، حسبما تقدم في أخبار الفتنة، فسار حبوس سيرة حسنة، وضبط النظام والأمن، وقسم الأعمال بين أقاربه وبني عمه، واتسعت رقعة مملكته، فغلب على قبره ونواحيها وعلى مدينة جيان، وأتم بناء غرناطة، وحشد الجند ونظم الجيش، وكان يشرك بني عمه في الرأي، ويجري في حكمه على طريق الشورى. ووطد حبوس ملك قومه بغرناطة، وأقام له بلاطاً فخماً، وعقد علائق المودة والتحالف مع سائر جيرانه من رؤساء البربر وفي مقدمتهم بني حمود أصحاب مالقة، وعقد الصداقة أيضاً مع زهير الفتى العامري صاحب ألمرية. ولما قتل يحيى بن حمود (المعتلي) أمام أسوار قرمونة سنة ٤٢٧ هـ على يد القاضي ابن عباد، وخلفه في الملك ولده إدريس المتأيد بالله، كان حبوس وحليفه زهير العامري من المعترفين ببيعته، وقد سارا لمعاونته على محاربة ابن عباد، وسار معهما البرزالي صاحب قرمونة في قواته، وزحفت القوات المتحدة على إشبيلية، وعاثت في بسائطها، ثم عاد كل إلى قواعده، وذلك في أواخر سنة ٤٢٧ هـ (١٠٣٦ م). وفي العام التالي (٤٢٨ هـ) توفي حبوس بن ماكسن، وخلفه في حكم غرناطة ولده باديس (٢).

ويشيد ابن حيان، وقد عاصر هذا العهد، بخلال حبوس، فيقول لنا إنه كان أحد نائبي برابرة الأندلس الذين يعتد بهم، وإنه كان على قسوته " يصغي إلى الأدب، وينتمي في العرب، للأثر المقفو في قومه صنهاجة. وكان وقوراً حليماً فظاً مهيباً، نزر الكلام، قليل الضحك، كثير الفكر، شديد الغضب،


(١) الذخيرة المجلد الأول القسم الأول ص ٤٠٣، والإحاطة ج ١ ص ٤٨٥.
(٢) راجع في أخبار حبوس بن ماكسن: البيان ص ٢٥ و ٢٦، والإحاطة ج ١ ص ٤٨٥ والبيان المغرب ج ٣ ص ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>