الكتاب والشعراء كما اجتمعوا في قصور الطوائف الأخرى، ذلك أن بلاط غرناطة البربري. لبث محتفظاً بطابع البداوة والخشونة، الذي كان يغلب على دولة آل زيري، ولم تعرف دولتهم تلك الخواص الحضارية والأدبية الرفيعة، التي امتازت بها دول الطوائف الأخرى.
ومما هو جدير بالذكر أن سياسة باديس، كانت متأثرة بالروح العنصري، وكانت ترمي قبل كل شىء إلى تأييد زعامة البربر وسلطانهم، في جنوبي الأندلس.
وكان يقابل هذا الاتجاه لدى الأمراء الأندلسيين اتجاه مماثل، فقد كانوا جميعاً يداً واحدة ضد البربر، في تلك المعركة التي اضطرمت زهاء نصف قرن، منذ استطاع بنو حمود أن يقيموا سلطانهم وخلافتهم في جنوبي الأندلس. ولما تضاءل سلطان بني حمود، تولى باديس زعامة البربر، وأخذ يقود نفس المعركة القديمة ضد أمراء الأندلس. وقد كان هؤلاء الأندلسيون، على قول ابن حيان، معاصر هذه الأحداث، " نمطاً واحداً متظاهرين على عظيم البرابرة يومئذ باديس ابن حبوس الصنهاجي صاحب غرناطة، ومن تميز معه من البربر، وكانوا متعاضدين متناصرين على من يباينهم من الأمراء سواهم، على اختلافهم في الرأي والدعوة ". ويسوق لنا ابن حيان دليل هذا التحزب في موقف الأندلسيين والبربر من الخلاف، فقد كان أمراء الأندلس يدعون للخليفة هشام الذي نصبه ابن عباد في إشبيلية، وكان باديس ومن والاه من أمراء البربر يدعون لإمامهم بمالقة، وهو إدريس بن يحيى بن حمود.
وكانت هذه النزعة العنصرية تحمل باديس في بعض الأحيان، على أخطر القرارات والمشاريع. ومن ذلك ما حدث حينما قام أحد الفرسان باغتيال أمير رندة البربري أبي نصر بن أبي نور وذلك بتحريض من المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية.
فقد ثار باديس لذلك الحادث أيما ثورة، وجال بخاطره أن يفتك برعاياه الأندلسيين في غرناطة، وأن يزهقهم جميعاً تخلصاً من شرهم ومؤامراتهم، ورتب الخطة لتنفيذ هذا العزم الدموي، وذلك حين اجتماع الغرناطيين بالمسجد الجامع يوم الجمعة، ولم يقتنع بنصح وزيره اليهودي اسماعيل بن نغرالة وتحذيره من عواقب عمله، وحشد الجند للتنفيذ، ولكن ابن نغرالة سبقه، فدس بعض النساء إلى دور زعماء الأندلسيين وغيرهم، لتحذيرهم من الحضور إلى المسجد، وهكذا