للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زهير، قد بعث وزيره ابن صمادح إلى باديس، يلح عليه في إعدام أكابر الأسرى من زعماء ألمرية الذين وقعوا في يده، ولاسيما الوزير ابن عباس، حتى لا يعارضه منهم أحد بعد في امتلاك ألمرية، وبادر عبد العزيز على أثر ذلك إلى ألمرية، فبايعه أهلها ودخلها في آخر ذي القعدة سنة ٤٢٩ هـ، ووجد بيت مالها مليئاً بالمال المضروب والذخائر فنقلها جميعاً إلى بلنسية (١)، وترك عليها والياً من قبله هو صهره ووزيره أبو الاحوص معن بن صمادح التجيبي، فكانت ولايته إيذاناً بتطور مصاير مملكة ألمرية.

ْ٢ - عهد بني صمادح التجيبيين

ذلك أن عبد العزيز بن أبي عامر صاحب بلنسية، لم يكد يفرغ من شئون ألمرية، حتى جاءته الأنباء بأن منافسه وخصيمه مجاهد العامري صاحب دانية وجزائر البليار، قد تحرك لغزو أراضيه. وكان مجاهد يرقب تقدم عبد العزيز واتساع ملكه بعين الحسد، فلما شغل بما آل إليه من تراث الفتيان في ألمرية، خرج مجاهد في قواته صوب بلنسية، فهرع عبد العزيز إلى مدافعته، وترك صهره ووزيره أبا الأحوص معن بن صمادح ليرعى شئون ألمرية. وكان معن رجلا قليل الولاء كثير المطامع، فما كاد عبد العزيز يغادر ألمرية، حتى وضع مشروعه للاستئثار بالسلطة، والاستيلاء على مملكة ألمرية، وما زال يوطد الأمر لنفسه حتى جاهر بخلع الطاعة، ودعا لنفسه واستجاب الناس لدعوته، واستولى على ألمرية وأعمالها وذلك في سنة ٤٣٣ هـ (١٠٤١ م)، وكان من مؤيديه ومعضديه في هذا الانقلاب باديس صاحب غرناطة. ودخلت مملكة ألمرية بذلك في عهد جديد من تاريخها.

وكان هذا الرئيس الجديد الذي سيطر على أقدار ألمرية، ينتمي إلى بيت من أعرق البيوتات العربية، وكان حسبما يوصف من أهل الدهاء والفضل والعلم والأدب (٢). وهو معن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن ابن صمادح، وبه عرف بيتهم. وصمادح هذا هو ولد عبد الرحمن بن عبد الله


(١) ابن خلدون ج ٤ ص ١٦٢، وأعمال الأعلام ص ٢١٧، والبيان المغرب ج ٣ ص ١٧٢ وراجع دوزي: Hist.; V. III ; p. ٢٨
(٢) العذري في " نصوص عن الأندلس " من كتاب ترصيع الأخبار ص ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>