للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن المهاجر بن عميرة، وهو جدهم الداخل إلى الأندلس. وفي عبد الرحمن ابن عبد الله يجتمعون مع بني هاشم التجيبيين أصحاب سرقسطة، فهم مثلهم ينتمون إلى تجيب (١). وكان والده أبو يحيى محمد بن أحمد بن صمادح حاكم مدينة وشقة وأعمالها منذ أواخر أيام هشام المؤيد بالله. ولما تولى سليمان الظافر الخلافة في سنة ٤٠٣ هـ أقره على ولايته، وكانت بينه وبين ابن عمه منذر بن يحيى التجيبي صاحب سرقسطة في البداية علائق مودة وسلام، فلما انتهت أيام سليمان، واغتصب بنو حمود الخلافة القرطبية في سنة ٤٠٧ هـ، وعادت الأمور إلى اضطرابها، ساءت العلائق بين المنذر وأبى يحيى، وسار منذر إلى وشقة في قواته واستولى عليها، وفر أبو يحيى في أهله وولده ناجياً بنفسه. فكان على قول ابن حيان " أول ساقط من الثوار لم يتملأ سلطانه ولا أورثه من بعده ". وكان أبو يحيى مع رياسته عالماً محدثاً من أهل الفضل والأدب، روى عنه ابنه أبو الأحوص معن، وله مختصر قيم في غريب القرآن. وقد اشتهرت وصيته لابنيه معن وصمادح بأسلوبها البارع، ومحتوياتها الجامعة لمعظم آداب الدنيا والدين، ودلالتها على وفور علمه، وجلالة معارفه، وسمو نفسه (٢). ووصف لنا ابن بسام في الذخيرة أبا يحيى بأنه كان فارساً مقداماً، وكان أديباً ذلقاً حسن البيان، ولكنه كان منكود الطالع، فلم تدم رياسته طويلا (٣).

ولجأ أبو يحيى إلى عبد العزيز بن أبي عامر صاحب بلنسية، فأكرم وفادته وتوثقت علاقتهما بالمصاهرة، إذ تزوج ولداه معن أبو الأحوص، وصمادح أبو عتيبة بأختي عبد العزيز. ثم أراد أبو يحيى اللحاق بالمشرق، فمات غرقاً في البحر. وذكر لنا ابن حيان أنه هلك غرقاً في البحر الرومي، فيما بين جزيرة يابسة


(١) ابن الأبار في الحلة السيراء (مخطوط الإسكوريال) في ترجمة المعتصم بن صمادح، لوحة ٨٠ و ٨١، ونقلها دوزي مقتضبة في كتابه: Recherches, V.II.App.XX.. وذكر ابن الخطيب أن صمادح إنما هو اسم امرأة هي صمادح بنت عبد الرحمن بن عبد الله إلى آخر نسبتهم، وأنهم عرفوا باسم أمهم المذكورة (أعمال الأعلام ص ١٨٩). ولكنا لم نجد تأييداً لهذه الرواية. وبالعكس فإن النسابة ابن حزم يقرر أن صمادح هو جدهم (جمهرة أنساب العرب ص ٤٠٥). ويوافقه ابن الأبار حسبما تقدم. وراجع الحلة السيراء (القاهرة) ج ٢ ص ٧٨ - ٨١.
(٢) ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة" - الجزء الأول - مخطوط مكتبة باريس الوطنية.
(٣) الذخيرة القسم الأول المجلد الثاني ص ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>