للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة القديمة، ودخلها ظافراً وذلك في سنة ٤٦٧ هـ (١٠٧٥ م). بيد أنه لم يلبث أن مرض وتوفي بعد ذلك بأشهر قلائل في أواخر ذي القعدة من نفس هذا العام. وانتهز أبو بكر بن عبد العزيز هذه الفرصة، فأعلن استقلاله بحكم بلنسية، وأصلح أسوارها، ودانت له المدينة بالطاعة، واستمر في حكمها دون منازع.

ولما غزا المقتدر بن هود صاحب سرقسطة والثغر الأعلى مدينة دانية، واستولى عليها من صاحبها على إقبال الدولة بن مجاهد العامري في سنة ٤٦٨ هـ (١٠٧٦ م)، توجس أبو بكر من سطوته وطمعه في بلنسية، فخاطب ألفونسو السادس وانضوى تحت حمايته، وتعهد له بأداء الجزية. وكان المؤتمن ولد المقتدر يتطلع بالفعل إلى امتلاك بلنسية، يدفعه إلى ذلك صحبه ومستشاروه، وذلك لأهمية موقعها ووفور غلاتها، فخاطب بدوره ملك قشتالة، ودفع إليه مائة ألف دينار ليعاونه على فتحها، وزحف فرناندو بالفعل على بلنسية، فخرج إليه أبو بكر بنفسه، وخاطبه برقة ولباقة، وأقنعه بعقم محاولته، فانصرف عنه، ووعده بحمايته وفشلت محاولة المؤتمن. وكان ملك قشتالة يقدر أبا بكر ويعجب بخلاله، وكان يقول في مختلف المناسبات، رجال الأندلس ثلاثة: أبو بكر بن عبد العزيز، وأبو بكر بن عمار، وششنانده (١).

وعندئذ رأى أبو بكر أن يلتمس حماية المؤتمن نفسه، ففاوضه، وقدم إليه ابنته عروساً لابنه أحمد المستعين. فوافقه المؤتمن، ورأى من جانبه أن هذه المصاهرة قد تكون سبيلا لضم المملكتين سرقسطة وبلنسية في مملكة قوية موحدة. واحتفل بعقد هذا الزواج بسرقسطة في حفلات شائقة كانت مضرب الأمثال في البذخ والبهاء (رمضان ٤٧٧ هـ - فبراير ١٠٨٥ م). ولم يعش أبو بكر طويلا بعد ذلك، إذ توفي في السابع من صفر سنة ٤٧٨ هـ (يونيه ١٠٨٥ م) بعد أن حكم عشرة أعوام (٢).


(١) الذخيرة القسم الثالث - المخطوط - لوحة ٩ أوب.
(٢) راجع البيان المغرب ج ٣ ص ٣٠٣ و ٣٠٤. وقد وهم ابن عذارى في حقيقة شخصية أبى بكر بن عبد العزيز، فذكر أنه أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن المنصور بن أبي عامر، ونسبه بذلك إلى بني عامر، وهو خطأ واضح. وراجع في هذه الحوادث: R.M.Pidal ; ibid ; V.I.p. ٣١٠ وكذلك: P.y Vives: Los Reyes de Taifas p.٥٧ و A.P.Ibars: Valencia Arabe; p. ١٨٧ & ١٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>