فخلفه في حكم بلنسية وأعمالها ولده أبو عمرو عثمان بن أبي بكر. وبويع في التاسع من صفر، لأيام قلائل فقط من سقوط مدينة طليطلة، في يد القشتاليين في فاتحة صفر ٤٧٨ هـ. وكان هذا الحادث الجلل الذي هز الأندلس من أقصاها إلى أقصاها نذير تطورات خطيرة في شرقي الأندلس، وفي مصاير مملكة بلنسية بوجه خاص.
وقد كان ألفونسو السادس، حينما استولى على طليطلة من يد صاحبها القادر بن ذى النون، حفيد المأمون، قد تعهد له أو وعده، ضمن عهوده لقاء الاستيلاء على المدينة، أن يمكنه من استرداد بلنسية التي خرجت عن طاعته، بل قيل إنه وعده بمعاونته، على افتتاح دانية وشنتمرية الشرق، إذ كان يعلم أنه بتمكين القادر من الاستيلاء على هذه المدن، فإنها تغدو في الواقع تحت حمايته، ويغدو شرقي الأندلس كله، واقعاً تحت سيادته، عن طريق القادر. وخرج القادر في آله. وصحبه ومتاعه قاصداً إلى بلنسية، وصدته خلال الطريق سائر القلاع القديمة، التي كانت تحت حكمه وأغلقت أبوابها دونه، ما عدا قلعة قونقة (كونكة)، فقد لبثت على طاعته، ورحب به صاحبها ابن الفرج، وأكرم منزله. ورأى القادر أولا أن يسير غور الأحوال في بلنسية، فبعث إليها ابن الفرج ليداخل صاحبها عثمان ابن عبد العزيز، وحاول ابن الفرج أن يروج لقضية سيده، وهو حاكم المدينة الشرعي، فكثر الجدل وافترق الرأي، ورأى فريق من الشعب أن تنضوي بلنسية تحت حماية المستعين بن هود، وانحاز فريق آخر إلى القادر، وسرت الفوضى إلى المدينة. وفي خلال ذلك عاد ابن الفرج إلى قونقة، ودعا القادر إلى السير إلى بلنسية، لانتهاز الفرصة السانحة، فسار القادر إلى المدينة ومعه سرية قوية من الجند النصارى مده بها ألفونسو السادس، تحت إمرة قائده ألبار هانيس الذي تسميه الرواية الإسلامية ألبرهانس. ولما وصل القادر في ركبه إلى المدينة، بعث إلى أهلها رسوله برسالة، يتودد فيها إليهم، ويقدم إليهم أطيب الوعود، فاجتمع أهل المدينة، وتشاوروا في الأمر. ورأى " الجماعة " قبول مطالب القادر، باعتباره صاحب الولاية الشرعية من قبل، واستبعاد مطالب ابن هود، وإن كان ابن هود لم ينقطع عن المجاهرة بها، والترويج لها، وخشية من أن تتعرض المدينة لهجوم القشتاليين، أعلنت " الجماعة " خلع عثمان بن