للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤتمن في سنة ٤٧٨ هـ (١٠٨٥ م)، خلفه في سرقسطة وأعمالها ولده المستعين، والتحق السيد بخدمته أيضاً، واستمر على نفوذه ومكانته في المملكة. ويحمل ابن بسام على حماية بني هود للسيد، واستخدامهم إياه، وإعلائهم لشأنه في قوله: " وكان بنو هود قديماً هم الذين أخرجوه (أعني السيد) من الخمول، مستظهرين به على بغيهم الطويل، وسلطوه على أقطار الجزيرة، يضع قدمه على صفحات أنجادها، ويركز علمه في أفلاذ أكبادها، حتى غلظ أمره، وعم أقاصيها ودانيها شره " (١).

ولسنا نعرف شيئاً عن أعمال السيد في خدمة المستعين في بضعة الأعوام التالية.

بيد أننا نرى السيد والمستعين في سنة ١٠٨٨ م، كلاهما يسير في قواته صوب بلنسية.

وهناك رواية خلاصتها أن المستعين والسيد، حينما ورد صريخ القادر، عقدا ميثاقاً سرياً على غزو بلنسية وافتتاحها، نص فيه على أن تكون الأسلاب كلها من نصيب السيد ورجاله، وأن تكون المدينة ذاتها من نصيب المستعين (٢).

وهناك رواية أخرى، هي أن المستعين دعا السيد إلى مرافقته في جيشه لإغاثة بلنسية، دون أن يفضي إليه بنيته في الاستيلاء على المدينة، وقدم إليه أموالا جليلة لكي يحشد بها القوات اللازمة، وكان السيد في هذا الوقت بالذات يدعو الجند إلى رايته، للمحاربة مع المسلمين، وقد اجتمع له منهم، حسبما يخبرنا ابن علقمة مؤرخ مأساة بلنسية عدد كبير، وكانت قوة المستعين لا تعدو أربعمائة فارس، أما جيش السيد فكان يضم ثلاثة آلاف فارس، وهي قوة ضخمة وفقاً لمقاييس العصر.

وهكذا أشرف المستعين والسيد في قواتهما على بلنسية، إجابة لصريخ مليكها وإنجاداً له في الظاهر، وكلاهما يضطرم في الواقع بنيات ومشاريع أخرى. وكان المنذر صاحب لاردة وطرطوشة، ما يزال مرابطاً بقواته حول المدينة، فلما علم بمقدم السيد، وابن أخيه المستعين، أدرك أنه لا طائل من الانتظار وعول على الانسحاب (٣)، وبعث إلى القادر يعرض عليه صداقته ومحالفته، واستعداده


(١) الذخيرة القسم الثالث - المخطوط - لوحة ١٨ ب.
(٢) وردت هذه الرواية في كتاب "الاستكفاء" لابن الكردبوس. ونقله دوزي في: Recherches ; V.Il. App.II.
(٣) رواية ابن الكردبوس السالفة الذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>