للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعاونته ضد ملك سرقسطة، فأجابه القادر إلى عقد الحلف المنشود، ولكنه لما رأى المنذر بعد ذلك يبتعد بقواته عن بلنسية في طريق العودة إلى بلاده، أدرك أنه لا مفر من الالتجاء إلى القشتاليين، وأنهم هم وحدهم الذين يستطيعون إنجاده وإنقاذه.

ودارت عندئذ سلسلة من المفاوضات والمواثيق السرية، بين أولئك الزعماء المخادعين المخاتلين، فبعث القادر إلى السيد خفية عندما اقترب من بلنسية، يرجوه عقد المودة والتحالف بينهما سراً، ودون علم المستعين، وبعث إليه في الوقت نفسه طائفة من الأموال والتحف الجليلة. ولما وصل السيد والمستعين إلى بلنسية، أفضى إليه المستعين بحقيقة نياته، وأنه إنما قدم إلى بلنسية لا لإنجادها ولكن لافتتاحها، وطلب إليه النصح والعون، ولكن السيد ماطل في مهاجمة المدينة بحجة أن القادر مستظل بحماية ألفونسو، وأن المدينة في الواقع هي من أملاك ألفونسو وقد أعطاها للقادر، فأية محاولة لافتتاحها تعتبر اعتداء على حقوق الملك ألفونسو نفسه، وأنه لابد قبل إجراء مثل هذه المحاولة، أن يأذن الملك ألفونسو نفسه بذلك، وأخيراً أنه لا يستطيع أن يقوم بعمل ضد مليكه وسيده الطبيعي، أعني ملك قشتالة.

وهنا يبدو السيد على حقيقته، ويكشف عن خلاله الأصيلة، خلال مغامر لا ذمام له يبيع العدو والصديق معاً، وينتهز الفرصة بأي ثمن، فهو ينصح القادر سراً بألا يسلم المدينة لأحد، وهو يعد القادر والمستعين كل بمعزل عن الآخر أنه سوف يعاونه على تحقيق بغيته في الوقت الملائم، ويؤكد للمستعين أنه على أهبة لأن يساعده على أخذ بلنسية، إذا حصل على موافقة الملك ألفونسو، ثم يعتزم السيد أن يقطع علائقه القديمة مع صديقه وحاميه المستعين، ويبعث سراً إلى عمه وخصيمه المنذر بن هود، يعقد معه اتفاقاً بالصداقة والتحالف، وأخيراً يبعث السيد إلى ألفونسو ملك قشتالة، يؤكد له أنه فيما يعمله ويغنمه، إنما هو تابع له، وأن أولئك الفرسان الذين يقودهم في أراضي المسلمين، دون أية نفقة من الملك - إنما هم تحت تصرف الملك، ينزلون ضرباتهم " بالكفرة "، وفي وسعهم أن يحصلوا على شرقي الأندلس بسهولة. وقد وافق ألفونسو على

<<  <  ج: ص:  >  >>