للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارتفعت سحابة فبرقت ورعدت، وأرسلت صاعقة، فتقع عليه وهو منّا غير بعيد، فجئناه فإذا هو وبغله قد ماتا، وإذا في كمّه صرّة فيها دراهم انسبكت فصارت نقرة واحدة [١] ، وكمّه صحيح لم يحرق، وهذا عندي من العجب.

قال أبو عبيدة في ميتة عنترة: ظعنت عبس لبعض الأمر، وخلّفت عنترة في الدار شيخا كبيرا لا حراك به، فعصفت ريح [٢] فمات فيها خفاتا [٣] .

قال أبو الوجيه العكلّي: [٤] بل مرّ به نفر من طيء، فلما رأوه


[١] النقرة، بالضم: السبيكة، وهي من الذهب والفضة: القطعة المذابة. والجمع نقار بالكسر.
[٢] عصفت الريح تعصف عصفا وعصوفا، فهي عاصف وعاصفة وعصوف: اشتدت.
وفي لغة أسد أعصفت فهي معصفة. وفي الكتاب العزيز: (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً)
. وفي الأصل هنا: «فصعقت» ، تحريف.
[٣] الخفات: موت البغتة، قال الجعدي:
ولست وإن عزّوا على بهالك ... حفاتا ولا مستهزم ذاهب العقل
وخبر أبي عبيدة هذا نادر. وهو بتفصيل في الأغاني ٧: ١٤٥ عن أبي عبيدة أن عنترة كان قد أسنّ واحتاج، وعجز لكبر سنة عن الغارات، وكان له على رجل من غطفان بكر، فخرج يتقاضاه إياه، فهاجت عليه ريح من صيف، وهو بين شرج وناظرة، فأصابته فقتلته.
وروى أبو الفرج مع هذا خبرا لمقتله برمية من وزر بن جابر النبهاني. وقد روى هذا الخبر في اسماء المغتالين ٢: ٢١٠- ٢١١ من نوادر المخطوطات. وروى أبو الفرج خبرا ثالثا لمصرعه برمية من ربيئة طيء.
[٤] أبو الوجيه العكلي: أحد فصحاء الأعراب، كان معاصرا للجاحظ وأبي عبيدة. وروى له الجاحظ أخبارا في الحيوان ١: ٣٠٠/٤: ١٩٤/٦: ٥٩، والبيان ١: ١٦٩، ١٧٢/٣: ١١٤. وعكل، بضم العين، هم بنو عكل بن عوف بن عبد مناة بن أد بن طابخة.-

<<  <   >  >>