للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القوم: هؤلاء قادة، وإنما نحن في ذكر الاتباع، وهؤلاء إنّما يراد منهم التّدبير والتّوقيف [١] ، والاسم المهيب الطّائر في الآفاق.

وكان كلّاس ومقلاس [٢] أخوين أحدهما أيمن والآخر أعسر، فكان الأيمن يفخر على الأعسر، فأخذا في سرق [٣] ، فقطعت أيديهما، فكان الأيمن لا يستطيع أن يعمل بيده، وكان الأعسر يعمل بيده العسرى أعماله كلّها على صحّته وعادته، ففخر الأعسر على الأيمن بذلك فقال الأيمن: ما علمت للأيسر فضيلة إلا أن يسرق فيؤخذ فتقطع يمينه.

قالوا: وكان عمر بن الخطاب يخرج الضّاد من شدقه الأيسر كما يخرجه من شدقه الأيمن. ومن لم يكن أعسر يسرا فإنّما يخرجه من شدق واحد، وهو الأيمن. وهذه فضيلة الأيمن على الأعسر.

قالوا: وإنّما صار هذا أعسر وهذا أيمن على قدر قوّة الكبد والطّحال. فإن كانت جواذب الكبد أكثر وأشدّ كانت الأعمال لليمنى، وإن كانت جواذب الطّحال أكثر وأشدّ كانت الأعمال لليسرى.

وأما الذين زعموا أنّ الناس إنّما افترقوا بعد اجتماعهم وهم أطفال على العمل بالعسرى على قدر ما يجب على كلّ إنسان، وعلى قدر ما اتّفق- فهذا القول باطل، ولم تكن ها هنا علّة، و [لو] [٤] كانت علّة ذلك


[١] التوقيف: التبيين والإرشاد. وفي الأصل: «التوقف» ، تحريف.
[٢] كلاس ومقلاس، وذكرهما الجاحظ في الحيوان ٦: ٢٨ على أنهما أعلام لبعض الحيوانات. وفي الحيوان: «كيلاس» موضع «كلاس» .
[٣] السرق بفتح الراء وكسرها: السرقة.
[٤] تكملة يفتقر إليها الكلام.

<<  <   >  >>