للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ الصَّنعانيُّ: «وَاعْتِبَارُهُ يَكُونُ بِسَبْرِهِ: أَي المُحَدِّثُ، أي بِتَتَبُّعِهِ طُرُقَ الحَدِيثِ لِيَعْرِفَ المُحَدِّثُ هَلْ يُشَارِكُهُ، أَي يُشَارِكُ الرَّاوِي فِي رِوَايَةِ ذَلِكَ الحَدِيثِ الذِي سَبَرَ طُرُقَهُ رَاوٍ غَيرِهِ» (١).

فعرَّفَ الصنعانيُّ السَّبرَ بأنَّهُ التَّتبُّعُ، كمَا بيَّنَ أنَّ الآليَّةَ الموصلةَ للاعتبارِ هيَ السَّبرُ.

وقدْ عرَّفَ الدكتورُ أحمدُ العزيُّ «السَّبرَ» في معرضِ حديثِهِ عَنِ ابنِ عديٍّ ومنهجِهِ في كتابِهِ «الكاملِ»، فقالَ: «اِسْتِقْصَاءُ مَروِيَّاتِ الحَدِيثِ الوَاحِدِ، وَتَتَبُّعِ طُرُقِهِ، ثُمَّ اخْتِبَارُهَا، وَمُوَازَنَتُهَا بِرِوَايَاتِ الثِّقَاتِ». ثمَّ قالَ مُبيِّناً ما اشتملَ عليهِ التَّعريفِ: «فَقِوَامُهُ اسْتِنَاداً لِهذَا التَّعرِيفِ أَمْرَانِ هُمَا: الأَوَّلُ: اسْتِقْصَاءُ رِوَايَاتِ الحَدِيثِ: وَهَذَا يَعنِي أَنْ يَجْمَعَ النَّاقِدُ رِوَايَاتِ الحَدِيثِ الوَاحِدِ جَمْعَ اسْتِقْصَاءٍ وَإِحَاطَةٍ …

الأمرُ الثَّاني: الاِخْتِبَارُ، أي اِعْتِبَارُ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ، وَالنَّظَرُ فِيمَنْ شُورِكَ مِنْ رُوَاتِهَا، وَتُوبِعَ مِمَّنْ تَفَرَّدَ أَوْ خَالَفَ؛ وَهَذَا يَقتَضِي مَعْرِفَةَ مُتَابَعَاتِ تِلكَ الرِّوَايَةِ وَشَوَاهِدِهَا، ثُمَّ مُوَازَنَتِهَا مَعَ مَروِيَّاتِ الرَّاوِي، وَالحُكْمَ عَلَيهِ» (٢).

والملاحظُ أنَّ «الدكتور العزيَّ» قصرَ تعريفَ السَّبرِ في الحكمِ على الرُّواةِ مِنْ خِلالِ أحاديثِهِمْ، وذلكَ أحدُ أغراضِ السَّبرِ، وهوَ يتماشى معَ طبيعةِ بحثِهِ في الكلامِ على منهجِ ابنِ عديٍّ في الكاملِ، إلَّا أنَّهُ أشارَ إلى أثرِ السَّبرِ في معرفةِ أنواعِ علومِ الحديثِ المتعلِّقةِ بالمتنِ والإسنادِ إشارةً وجيزةً.


(١) توضيح الأفكار ٢/ ١٣.
(٢) بحث السبر عند المحدثين ص ٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>