وقدْ تكونُ دلالةُ السَّبرِ في معرفةِ ذلكَ دلالةً قطعيَّةً، وقدْ تكونُ ظنيَّةً لا بُدَّ لهَا مِنْ عواضدَ تدعمُهَا وتُقوِّيهَا.
كمَا قدْ يكونُ السَّبرُ عاملَاً في إدراكِ ومعرفةِ أنواعِ علومِ الحديثِ، أو عاملَاً في إدراكِ ضِدِّهِا، فيأتي دلالَةً على التَّفرُّدِ بنفيِ المتابعِ والشَّاهدِ، أو يكونُ عاملَاً في نفيِ التَّفرُّدِ بالوقوفِ مِنْ طريقِهِ على المتابِعِ أو الشَّاهدِ، وكذلكَ في معرفةِ الإدراجِ في الحديثِ أو نفيِهِ …
* * *
وهذِهِ الأهميَّةُ البالغةُ لمسألةِ السَّبرِ عندَ المُحدِّثينَ، كانتِ السَّببَ الرئيسَ في اختيارِي لهذَا الموضوعِ والكتابةِ فيهِ، حيثُ لمْ يُفرَدْ بالبحثِ والتَّصنيفِ، ولمْ يُكتبْ فيهِ إلَّا بعضُ المباحثِ القليلةِ التي أُلقيتْ في النَّدواتِ، وبعضُ الفصولِ المتفرِّقةِ المُبعثرةِ في بطونِ الكتبِ والأمَّهاتِ، منهَا ما هوَ نظريٌّ يحتاجُ إلى التَّمثيلِ والتَّطبيقِ، ومنهَا ما هوَ عمليٌّ يحتاجُ إلى الاستقراءِ والتقعيدِ فجمعتُ المتفرِّقَ، واستقرأتُ المُطبَّقَ.