للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمُختَلِفِ، والمُحكَمِ. وكلُّ هذِهِ الأنواعِ والعلومِ سيأتِي تفصيلُهَا في «الفصلِ الثَّاني منَ البابِ الثَّالثِ منْ هذهِ الرِّسالةِ في بيانِ أثرِ السَّبرِ عندَ المُحدِّثينَ في المتنِ» (١)، وبذلكَ تُرَدُّ كلُّ شُبهةٍ، ويُدفَعُ كُلُّ إشكَالٍ.

٣ - الحُكْمُ عَلى الحَدِيثِ يَشْمَلُ كُلاً مِنَ السَّنَدِ وَالمَتْنِ: فالمُحدِّثونَ حِينمَا يقعُ في كلامهِمْ: «حديثٌ صحيحُ الإسنادِ» أو «حسنُ الإسنادِ» أو «سندٌ صحيحٌ»، فهوَ دونَ قولِهِمْ: «حديثٌ صحيحٌ»، و «حديثٌ حسنٌ» (٢)، فهذَا يشمَلُ كُلاً منَ المتنِ والسَّندِ، وذاكَ مُختصٌّ بالسَّندِ، قال المُعَلِّمِيُّ «ت ١٣٨٦ هـ»: «أَئِمَّةُ الحَدِيثِ إِذَا اسْتَنْكَرُوا الحَدِيثَ نَظَرُوا فِي سَنَدِهِ فَوَجَدُوا مَا يُبَيِّنُ وَهْنَهُ، فَيَذْكُرُونَهُ؛ وَكَثِيرَاً مَا يَسْتَغْنُونَ بِذَلِكَ عَنِ التَّصْرِيحِ بِحَالِ المَتْنِ؛ انظُرْ «مَوضُوعَاتِ ابْنِ الجَوزِيِّ»، وَتَدَبَّرْ تَجِدْهُ إِنَّمَا يَعْمَدُ إِلَى المُتُونِ الَّتِي يَرَى فِيهَا مَا يُنْكِرُهُ، وَلَكِنَّهُ قَلَّمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، بَلْ يَكْتَفِي غَالِبَاً بِالطَّعْنِ فِي السَّنَدِ» (٣). وممَّا يَدُلُّ عَلَى شدَّةِ فحصِ الأئمَّةِ للسَّندِ والمتنِ معَاً، أنَّ الإمامَ لا يعدِلُ عنْ قولِهِ «صحيحٌ» إلى «صحيحِ الإسنادِ»، إلا لأمرٍ حاكَ في صدرِهِ (٤).

ولذا فقدْ قرَّرَ أئمَّةُ الحديثِ - احتياطاً منهم للحديثِ النَّبوِيِّ - أنَّهُ لا تلازُمَ بينَ السَّندِ والمتنِ صحَّةً أو ضعفَاً، قالَ السَّخاوِيُّ «ت ٩٠٢ هـ»: «وَالحُكْمُ الصَّادِرُ مِنْ المُحَدِّثِ لِلْإِسْنَادِ


(١) انظر ص ٣٧٧.
(٢) علوم الحديث لابن الصلاح ١/ ٣٨.
(٣) الأنوار الكاشفة للمعلمي ١/ ٢٦٣.
(٤) النكت على ابن الصلاح ١/ ٤٧٤.

<<  <   >  >>