للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالصِّحَّةِ أَوْ بِالحُسْنِ، دُونَ الحُكْمِ مِنْهُ بِذَلِكَ لِلْمَتْنِ، حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ تَصْرِيحُهُمْ بَأَنَّهُ لا تَلازُمَ بَينَ الإِسْنَادِ وَالمَتْنِ، إِذْ قَدْ يَصِحُّ السَّنَدُ أَوْ يَحْسُنُ لاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ مِنَ الاتِّصَالِ وَالعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ دُونَ المتْنِ لِشُذُوذٍ أَوْ عِلَّةٍ» (١).

بيدَ أنَّ هناكَ اتصالاً وثيقاً بينَ نقدِ المتنِ ونقدِ الإسنادِ، لأنَّ إثباتَ ثقةِ الرَّاوِي لا يكونُ بمجرَّدِ عدالتِهِ وصدقِهِ، بلْ لا بُدَّ منْ اختبارِ مرويَّاتِهِ بعرضِهَا على رواياتِ الثِّقاتِ، فإنْ وافقتْ رواياتُهُمْ مرويَّاتِ الثِّقاتِ - ولو منْ حيثُ المعنى، أو في الأغلَبِ - عرفنَا حينئِذٍ كونَهُ ضابطاً ثبتاً، قال المُعَلِّمِيُّ «ت ١٣٨٦ هـ»: «مَنْ تَتَبَّعَ كُتُبَ تَوَارِيخِ رِجَالِ الحَدِيثِ وَتَرَاجُمِهِمْ، وَكُتُبَ العِلَلِ، وَجَدَ كَثِيرَاً مِنَ الأَحَادِيثِ يُطْلِقُ الأَئِمَّةُ عَلَيهَا: «حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، بَاطِلٌ، شِبْهُ المَوضُوعِ، مَوضُوعٌ»؛ وَكَثِيرَاً مَا يَقُولُونَ فِي الرَّاوِي: «يُحَدِّثُ بِالمَنَاكِيرِ، صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، مُنْكَرُ الحَدِيثِ»؛ وَمَنْ أَنْعَمَ النَّظَرَ وَجَدَ أَكْثَرَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ المَعْنَى؛ وَلمَّا كَانَ الأَئِمَّةُ قَدْ رَاعَوا فِي تَوثِيقِ الرُّوَاةِ النَّظَرَ فِي أَحَادِيثِهِمْ وَالطَّعْنَ فِيمَنْ جَاءَ بِمُنْكَرٍ، صَارَ الغَالِبُ أَنْ لا يُوجَدَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ إِلا وَفِي سَنَدِهِ مَجْرُوحٌ، أَوْ خَلَلٌ» (٢).

والارتباطُ يتجلَّى أيضَاً في أنَّ الإسنادَ الصَّحيحَ غَالباً ما يقودُنَا إلى متنٍ صحيحٍ وكذلكَ المتنُ الصَّحيحُ غَالباً ما يَرِدُنَا منْ طَرِيقٍ مُعتبَرٍ، قالَ الدُّكتور صبحِي الصَّالِحُ (٣) «ت ١٤٠٦ هـ»:


(١) فتح المغيث ١/ ٩٠.
(٢) الأنوار الكاشفة للمعلمي ١/ ٢٦٤.
(٣) الدكتور صبحي الصالح، الشهيد، «١٣٤٤ هـ- ١٩٢٥ هـ»، رئيس المجلس الأعلى، وأمين عام رابطة العلماء، والأمين العام للجبهة الإسلامية في لبنان؛ وعضو لكثير من المجامع العلمية، حصل على العالمية من جامعة = =الأزهر، من مصنفاته: «علوم الحديث ومصطلحه»، و «منهل الواردين شرح رياض الصالحين»، وغيرها كثير. انظر أعلام الصحوة لمحمد علي شاهين ر ٢٦٤.

<<  <   >  >>