للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«مَقَايِيسُ المُحَدِّثِينَ فِي السَّنَدِ لَا تَنْفَصِلُ عَنْ مَقَايِيسِهِمْ فِي المَتْنِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّوضِيحِ وَالتَّبْوِيبِ وَالتَّقْسِيمِ، وَإِلَّا فَالغَالِبُ عَلَى السَّنَدِ الصَّحِيحِ أَنْ يَنْتَهِيَ بِالمَتْنِ الصَّحِيحِ، وَالغَالِبُ عَلَى المَتْنِ المَعْقُولِ المَنْطِقِيِّ الَّذِي لَا يُخَالِفُ الحِسَّ أَنْ يَرِدَ عَنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ» (١).

٤ - وُجُودُ عَلامَاتٍ وَضَوَابِطَ لِمَعْرِفَةِ الحَدِيثِ المَوضُوعِ مِنْ خِلالِ المَتْنِ، وَدُونَ الرُّجُوعِ إِلَى السَّنَدِ: مِنَ المعلومِ أنَّ نقدَ المتنِ عندَ المُحدِّثينَ يؤدِّي إلى الحُكمِ على الحديثِ بأشدِّ الأحكامِ وهوَ الوضعُ، حيثُ قرَّروا أنَّ الوضعَ قدْ يُعرَفُ منَ النَّظرِ في المرويِّ، قالَ ابنُ الجوزيِّ «ت ٥٩٧ هـ»: «إِذَا رَأَيتَ الحَدِيثَ يُبَايِنُ المَعْقُولَ، أَوْ يُخَالِفُ المَنْقُولَ، أَوْ يُنَاقِضُ الأُصُولَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مَوضُوعٌ، فَلَا تَتَكَلَّفِ اعْتَبَارَهُ» (٢).

وقالَ ابنُ دقيقٍ «ت ٧٠٢ هـ» «وَأَهْلُ الحَدِيثِ كَثِيرَاً مَا يَحْكُمُونَ بِالوَضْعِ بِاعْتِبَارِ أُمُورٍ تَرْجِعُ إِلى المَرْوِيِّ وَأَلْفَاظِ الحَدِيثِ، وَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهُ حَصَلَتْ لَهمْ لِكَثْرَةِ مُحَاوَلَةِ أَلْفَاظِ (٣) النَّبِيِّ

هَيئَةٌ نَفْسَانِيَّةٌ وَمَلَكَةٌ قَوِيَّةٌ عَرَفُوا بِهَا مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَلْفَاظِ النُّبُوَّةِ، وَمَا لا يَجُوزُ» (٤).

وحينمَا سُئِلَ ابنُ القيِّمِ «ت ٧٥١ هـ»: هَلْ يُمكنُ معرفةُ الحديثِ الموضوعِ بضابطٍ منْ غيرِ أنْ يُنْظَرَ في سندِهِ؟. فقالَ: «إِنَّمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ تَضَلَّعَ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ،


(١) علوم الحديث ومصطلحه - للدكتور صبحي الصالح - ص ٢٨٣.
(٢) الموضوعات لابن الجوزي ١/ ١٠٦.
(٣) المراد بقوله «لكثرة محاولة» أي: لكثرة تعايشهم مع ألفاظ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكثرة دراستها وحفظها حصلت لهم هذه الملكة.
(٤) الاقتراح في علوم الاصطلاح لابن دقيق العيد ١/ ٢٥.

<<  <   >  >>