للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - الاستدلال على جواز استثمار أموال الزكاة بجواز تأجيل دفع الزكاة إلى مستحقيها - على مذهب أبي حنيفة- لا يصلح دليلاً على هذه الدعوى؛ لأن قول الفقيه ليس دليلاً من الأدلة الشرعية، وإنما هو قول إنسان يؤخذ من كلامه ويرد. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن التأجيل لا يدل على جواز الاستثمار. ومن جهة ثالثة فإن هذا القول خلاف مذهب جمهور الفقهاء، وخلاف المختار المفتى به من مذهب الحنفية.

قال المالكية والشافعية والحنابلة والمفتى به عند الحنفية إذا وجبت الزكاة، وجبت المبادرة إلى إخراجها على الفور مع القدرة على ذلك، وعدم الخشية من الضرر (١). جاء في الدر المختار: (وقيل فوري، أي واجب على الفور، وعليه الفتوى .. فيأثم بتأخيرها بلا عذر، وترد شهادته؛ لأن الأمر بالصرف إلى الفقير معه قرينة الفور، وهي أنه لدفع حاجته، وهي معجلة، فمتى لم تجب على الفور لم يحصل المقصود من الإيجاب على وجه التمام) (٢). وفي رد المحتار على الدر المختار: (فتكون الزكاة فريضة وفوريتها واجبة، فيلزم بتأخيرها من غير ضرورة الإثم، كما صرح به الكرخي، والحاكم الشهيد في المنتقى، وهو معنى ما ذكره الإمام أبو جعفر عن أبي حنيفة أنه يكره؛ فإن كراهة التحريم هي المحمل عند إطلاق اسمها، وقد ثبت عن أئمتنا الثلاثة وجوب فوريتها) (٣)، وحتى العلماء الذين يرون بأن مطلق الأمر لا يقتضي الفور- وهم أكثر الحنفية والشافعية- يقولون إن الزكاة واجبة على الفور؛ وذلك لقرينة حاجة الفقير وهي معجلة. جاء في فتح القدير


(١) الشرح الكبير للدردير ١/ ٤٥٩، حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير ١/ ٤٥٩، المجموع ٥/ ٣٠٥، شرح منهاج الطالبين ٢/ ٤٢، حاشية القليوبي ٢/ ٤٢، كشاف القناع ٢/ ٢٥٥، فتح القدير ٢/ ١٥٥، الدر المختار للحصكفي، مع رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ٢/ ١٣، الموسوعة الفقهية ٢٣/ ٢٩٦.
(٢) الدر المختار للحصكفي ٢/ ٣١.
(٣) رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ٢/ ١٣، وانظر فتح القدير ٢/ ١٥٥.

<<  <   >  >>