للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩ - الاستدلال على جواز الاستثمار بما ذهب إليه الشافعية من إعطاء الفقير والمسكين كفاية العمر؛ أخذاً من حديث «سِدادًا مِنْ عَيْشٍ» (١)، ومن قول عمر : (إذا أعطيتم فأغنوا) (٢). وقوله فيما نسب إليه : (والله لأكررن عليهم الصدقة وإن راح على أحدهم مائة من الإبل) (٣)، يجاب عليه بأن هذا ليس فيه استثمار ولا ما يدل على الاستثمار؛ لأن هذه الأدلة تفيد في جواز زيادة مقدار نصيب الفقير والمسكين من الزكاة، وهذا لا ينازع فيه المانعون لاستثمار الزكاة، لكن لا يصلح الاستدلال به على جواز الاستثمار؛ بل إنه يدل على تسليمه للفقير والمسكين، وهذا تمليك له، فهو جائز، سواء كان ما أعطي قليلاً أم كثيراً.

وما ذكر عن الزركشي أن للإمام دون المالك إذا كان زارعاً أن يشتري له ضيعة … إلخ، يجاب عليه بأن أقوال الفقهاء ليست دليلاً شرعياً من الأدلة المعتبرة المقررة في أصول الفقه، ولو أخذنا بهذا المبدأ لأصبح رأي هؤلاء المشايخ وغيرهم من العلماء المعاصرين بعد فترة من الزمن دليلاً يستدل به الآخرون، ولا قائل بهذا.

١٠ - أما قولهم إن تغيير الأسلوب من اللام إلى «في» يدل على أن جانب التمليك ليس وحده المقصود، وإنما جانب الصرف مقصود أيضا، فيجاب عنه بأنه سواءً كان المقصود أن الصدقات مصروفة للفقراء كما يقول به الإمام مالك ، فالمراد أنهم المستحقون لهذا المال المختصون به، فلا يجوز التصرف فيه بالاستثمار بدون إذنهم.


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٨٢.
(٢) كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام ص ٥٠٢. وإسناد الأثر ضعيف لأن فيه الحجاج بن أرطأة، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب ١/ ١٨٨: (صدوق كثير الخطأ والتدليس)، وقد عنعن هنا.
(٣) المرجع السابق، وإسناده ضعيف لأجل الحجاج بن أرطأة، كما سبق قريباً. تقريب التهذيب ١/ ١٨٨.

<<  <   >  >>