للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذمم، وحفظ حق الفقراء، والمبادرة به إليهم في وقته، الذي يغفل عنه بعضهم -لا سيما في هذا العصر- الذي ضعف فيه الوازع الديني لدى كثير من الناس. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن تسليم الزكاة مجتمعة من الشركة إلى الجهة المختصة بجباية الزكاة يؤدي إلى كثرة مبلغ الزكاة، وبالتالي يُمكْن تلك الجهة -إذا أخلصت في عملها- من أن توزعه توزيعاً يراعي مصالح المستحقين، ويغطي حاجاتهم.

وقلت بتسليمها للجهة المختصة من قبل الدولة، لأن الواقع يؤكد أن أسهم الشركات المساهمة في هذا العصر أصبحت أموالاً ظاهرة؛ لأنها تتداول في الأسواق المالية، وتُنشر أسعارها يومياً في الشبكة العنكبوتية، وعلى شاشات التلفاز، وفي الصحف اليومية، وتنشر ميزانية تلك الشركات، وبيان ما عندها من الموجودات من الأصول الثابتة والمتداولة، وما لديها من الاحتياطي، وغير ذلك من المعلومات عند إقرار الميزانية كل سنة.

وما قيل من أن أسهم بعض المساهمين قد لا تبلغ نصاباً، يجاب عنه؛ بأنه إذا كان تأثير الخِلطة هو تنزيل الملكين بمنزلة ملك واحد، في وجوب الزكاة، وقدرها، وأخذها شرعاً، كما نزلا منزلة ملك واحد في خفة المؤونة، وغزارة الرفق حساً وعرفاً. حتى وإن تفاوت مقدار مال الخليطين، ولو لم يبلغ مال كل منهما لوحده نصاباً وهو مذهب الشافعية والحنابلة (١). فمن باب أولى جواز ذلك في أموال الشركة؛ لأنها أصبحت ملكاً لجميع الشركاء، فينظر إلى هذه الأموال مجتمعة.


(١) المجموع ٥/ ٤٠٦ و ٤٠٧، حاشية الشبرا ملسي على نهاية المحتاج ٣/ ٥٩، المغني ٤/ ٥٣، الإنصاف ٣/ ٦٧، الفروع ٢/ ٣٨١، كشاف القناع ٢/ ١٩٦.

<<  <   >  >>