للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: إن الخارج من الأرض إنتاج زراعي تجب زكاته منه بشروطه، أما الناتج من الأعيان المعدة للاستغلال فهي في معظم أحوالها نقود، تجب فيها الزكاة وجوبها في النقدين بشروطه (١). وما كان منها عينيا لا يبقى على عينيته.

ثالثاً: إن نسبة كبيرة من ثمرة الخارج من الأرض تتحقق دون عمل بشري؛ كالذي يسقى بالمطر ونحوه، أما الأعيان المعدة للاستغلال، فإن غلتها تحصل نتيجة مجهود بشري، فاختلف الجنسان، وبهذا تخلف شرط صحة القياس (٢).

ويمكن أن يجاب على هذا بأن كلاً منهما فيه عمل بشري في جميع الأحوال، حتى لو سقي بالمطر، فإنه بحاجة إلى عمال، لبذره، وحصده، وتصفيته، وغير ذلك، وقد أوجب الشارع في الخارج من الأرض الزكاة وقدرها نصف العشر إذا سقي بمؤنة، لأن فيه عملاً بشريا.

رابعاً: إن الأرض الزراعية مصدر دائم للدخل، لا يعتريه توقف، ولا يلحقه بلى أو تآكل بتقادم العهد، بخلاف المستغلات، فإنها مصدر مؤقت، يبقى مدة من الزمن ثم يتوقف ريعه، إما لتلفه، أو لعدم صلاحيته للاستغلال، فكيف يصح القياس مع هذا الاختلاف بين الأصل والفرع.

فهذا القياس لا يستقيم، لأنه قياس نقود وديون وعروض على الأرض والشجر. فلم يكن حكم الفرع مساوياً لحكم الأصل، ومن شروط العلة المتفق عليها بين الأصوليين أن لا تخالف العلة أصلاً أو إجماعاً، وأن توجد علة الفرع في الأصل بتمامه (٣)، وهذه الشروط غير متحققة في العلة التي ذكروها، لما سبق بيانه.


(١) المرجع السابق.
(٢) بحوث في الاقتصاد الإسلامي، للشيخ عبد الله المنيع ص ٩٦.
(٣) تيسير التحرير ٣/ ٢٦٤، المحصول ٥/ ٣٧١.

<<  <   >  >>