للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وقد أورد النسفى فى مقدمة تفسيره عبارة قصيرة، أوضح فيها عن طريقته التى سلكها فيه، وأرى أن أسوقها لك بنصها لتمام الفائدة:

قال رحمه الله: "قد سألنى مَن تتعين إجابته، كتاباً وسطاً فى التأويلات، جامعاً لوجوه، الإعراب والقراءات، متضمناً لدقائق علمى البديع والإشارات، حالياً بأقاويل أهل السُّنَّة والجماعة، خالياً عن أباطيل أهل البدع والضلالة، ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، وكنت أُقدِّم فيه رِجْلاً وأؤخر أخرى، استقصاراً لقوة البَشر عن درك هذا الوطر، وأخذاً لسبيل الحذر عن ركوب متن الخطر، حتى شرعتُ فيه بتوفيق الله والعوائق كثيرة، وأتممته فى مدة يسيرة، وسميته بمدارك التنزيل وحقائق التأويل".

وقال صاحب كشف الظنون: "اختصره - يعنى تفسير النسفى - الشيخ زين الدين، أبو محمد، عبد الرحمن بن أبى بكر بن العينى، وزاد فيه". ولكن لم يقع فى يدنا هذا المختصر، ولم نظفر به حتى نحكم عليه.

قرأتُ فى هذا التفسير فوجدته كما قلت آنفاً موجز العبارة سهل المأخذ، مختصراً من تفسير الكشاف، جامعاً لمحاسنه، متحاشياً لمساوئه، ومن تفسير البيضاوى أيضاً حتى إنه ليأخذ عبارته بنصها أو قريباً منه ويضمنها تفسيره.

* *

* خوضه فى المسائل النحوية:

كذلك وجدته - كما يقول صاحبه - جامعاً بين وجوه الإعراب والقراءات، غير أنه من ناحية الإعراب لا يستطرد كثيراً. ولا يزج بالتفاصيل النحوية فى تفسيره كما يفعل غيره، فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢١٧] من سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام} .. الآية.

يقول ما نصه: "والمسجد الحرام": عطف على "سبيل الله"، أى وَصَدّ عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، وزعم الفرّاء أنه معطوف على الهاء فى "به"، أى كفر به وبالمسجد الحرام، ولا يجوز عند البصريين العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار،

<<  <  ج: ص:  >  >>