ثم إن المؤلف يتعرض لآيات الأحكام فقط، مع استيفاء ما فى جميع السور. والكتاب مخطوط فى مجلد كبير، وموجود فى دار الكتب المصرية، وفى المكتبة الأزهرية.
* * *
[٣- أحكام القرآن - لابن العربى (المالكى)]
* ترجمة المؤلف:
هو القاضى أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المعافرى، الأندلسى، الإشبيلى، الإمام، العلامة، المتبحر، ختام علماء الأندلس، وآخر أئمتها وحُفَّاظها.. كان أبوه من فقهاء إشبيلية ورؤسائها.
وُلِد أبو بكر سنة ٤٦٨ هـ (ثمان وستين وأربعمائة من الهجرة) ، وتأدب ببلده، وقرأت القراءات، ثم رحل إلى مصر، والشام، وبغداد، ومكة. وكان يأخذ عن علماء كل بلد يرحل إليه حتى أتقن الفقه، والأُصول، وقيد الحديث، واتسع فى الرواية، وأتقن مسائل الخلاف والكلام، وتبحَّر فى التفسير، وبرع فى الأدب والشعر.. وأخيراً عاد إلى بلده إشبيلية بعلم كثير، لم يأت به أحد قبله، ممن كانت له رحلة إلى المشرق.
وعلى الجملة.. فقد كان - رحمه الله - من أهل التفنن فى العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها، متقدماً فى المعارف كلها، متكلماً فى أنواعها، نافذاً فى جمعها، حريصاً على أدائها ونشرها، ثاقب الذهن فى تمييز الصواب منها، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق، مع حُسن المعاشرة، وكثرة الاحتمال، وكرم النفس، وحُسن العهد، وثبات الود. سكن بلده وشُووِرَ فيه، وسُمِع، ودَرَّس الفقه والأصول، وجلس للوعظ والتفسير، ورُحِل إليه للسماع. قال القاضى عياض - وهو ممن أخذوا عنه -: "استقضى ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته، وشدة نفوذ أحكامه، وكانت له فى الظالمين سَورة مرهوبة، وتؤثر عنه فى قضائه أحكام غريبة، ثم صُرِف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثه".
هذا.. وقد ألّف رحمه الله - تصانيف كثيرة مفيدة، منها "أحكام القرآن"، وهو ما نحن بصدده الآن، وكتاب المسالك فى شرح موطأ مالك، وكتاب القبس على شرح موطأ مالك بن أنس، وعارضة الأحوذى على كتاب الترمذى، والقواصم والعواصم، والمحصول فى أُصول الفقه، وكتاب الناسخ والمنسوخ، وتخليص التلخيص، وكتاب القانون فى تفسير القرآن العزيز، وكتاب أنوار الفجر فى تفسير القرآن. قيل: إنه ألّفه فى عشرين سنة، ويقع فى ثمانين ألف ورقة، وذكر بعضهم أنه رأى هذا التفسير وعَدَّ