مظاهرهم، وتستره بماهياتهم ووجوداتهم المشخصة، وإقامتها بعين وجوده، وإيجابهم بوجوبه، فبهذه الاعتبارات هو رابع معهم، ولو اعتبرت الحقيقة لكان عينهم، ولهذا قيل: لولا الاعتبارات لارتفعت الحكمة".
وفى سورة المزمل عند قوله تعالى فى الآيتين [٨، ٩] : {واذكر اسم رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً * رَّبُّ المشرق والمغرب} .. يقول: "واذكر اسم ربك الذى هو أنت - أى اعرف نفسك - واذكرها، ولا تنسها، فينسك الله، واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها، {رَّبُّ المشرق والمغرب} أى الذى ظهر عليك نوره، فطلع من أفق وجودك بإيجادك، أو المغرب الذى اختفى بوجودك، وغرب نوره فيك واحتجب بك".
هذه بعض النماذج التى تكشف لك عن روح هذا التفسير، ولو أنك تصفحت هذا الكتاب لوجدته يقوم فى الغالب على مذهب صاحبه فى وحدة الوجود، ولعل هذا هو السر الذى من أجله نُسب الكتاب لابن عربى، فإن ابن عربى يقول بوحدى الوجود، ويبنى كثيراً من تفسيره لبعض الآيات على هذا المذهب، فلاتحاد المذاهب وتشابه التفسير وقع الالتباس، فنُسِب التفسير لابن عربى، أو قُصِدت النسبة ليروج الكتاب كما قلنا، وأمن مَن فعل ذلك من افتضاح أمره، اعتماداً على الاتحاد فى المذهب، والتشابه فى التفسير.
وإذ قد جرَّنا الحديث إلى ابن عربى، فأرى إتماماً للفائدة أن أذكر نُبذة عن حياة هذا الرجل، وعن مذهبه فى التفسير، وليقف القارئ بعد ذلك على مقدار التشابه بين ابن عربى والقاشانى فى فهم كتاب الله تعالى، والكشف عن معانيه.
* * *
[ابن عربى ومذهبه فى تفسير القرآن الكريم]
[ترجمة ابن عربى]
هو أبو بكر محيى الدين محمد بن علىّ بن أحمد بن عبد الله الحاتمى، الطائى، الأندلسى، المعروف بابن عربى - بدون أداة التعريف - كما اصطلح على ذلك أهل المشرق، فرقاً بينه وبين القاضى أبى بكر بن العربى صاحب أحكام القرآن. وكان بالمغرب يُعرف بابن العربى - بالألف واللام - كما كان يُعرف فى الأندلس بـ "ابن سراقة".
ولد بمرسية سنة ٥٦٠ هـ (ستين وخمسمائة من الهجرة) ثم انتقل إلى إشبيلية سنة