تُنكح المرأة على عمَّتها، ولا على خالتها"، وأنه قال: "يُحَرِّم من الرضاع ما يُحَرِّم من النسب". والله عَزَّ وجَلَّ يقول:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ١٨٠] ... إلى آخر الآية، ولم يذكر الجمع بين المرأة وعمَّتها وخالتها، ولم يُحَرِّم من الرضاع إلا الأُم المرضعة والأخت بالرضاع.. ثم قال:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] فدخلت المرأة على عمتَّها وخالتها، وكل رضاع سوى الأم والأُخت، فيما أحلَّه الله تعالى".
يحدثنا ابن قتيبة بهذا عنهم، ثم يتولى بنفسه الرد عليهم فى ذلك كله رداً مسهباً فيه إزالة كل شبهة، ودفع كل حُجَّة وردت على ألسن القوم، ولا نطيل بذكر ذلك. ومَن أراد الوقوف عليه، فليرجع إليه فى تأويل مختلف الحديث [ص ٢٤١ - ٢٥٠] .
* *
[الإنتاج التفسيرى للخوارج]
لم يكن للخوارج من الإنتاج التفسيرى مثل ما كان للمعتزلة، أو الشيعة أو غيرهما من فرق المسلمين، التي خلَّفت لنا الكثير من كتب التفسير، وكل ما وصل إلينا من تفسير الخوراج الأُوَل لم يزد عن بعض أفهام لهم لبعض الآيات القرآنية تضمنها جدلهم، واشتملت عليها مناظراتهم، وذكرنا لك منها كل ما وصل إلى أيدينا، وجميع ما استخلصناه من بطون الكتب المختلفة.
ولكن هل هذا هو كل ما كان للخوارج من تفسير؟ وهل وقف إنتاجهم عند هذا المقدار الضئيل؟ أو كان لهم مع هذا كتب مستقلة فى التفسير، ولكن فقدتها المكتبة الإسلامية على طور الأيام ومر العصور؟
الحق أنى وجهت لنفسى هذا السؤال، وكدت أعجز عن الجواب عنه.. ولكن هيأ الله لى ظرفاً جمعنى مع رجل من الإباضية المعاصرين، يقيم فى القاهرة، فوجهت إليها هذا السؤال نفسه، فأفهمنى أن الإنتاج التفسيرى للخوارج كان قليلاً بالنسبة لإنتاج غيرهم من فِرَق الإسلام، ومع هذا فلم تحتفظ المكتبة الإسلامية من هذا النتاج القليل إلا ببعض منه. لبعض العلماء من الإباضية فى القديم والحديث.
فسألته: وهل تذكر شيئاً من هذه الكتب؟ فذكر لى من الكتب ما يأتى:
١- تفسير عبد الرحمن بن رستم الفارسى.. من أهل القرن الثالث الهجرى.
٢- تفسير هود بن محكم الهوارى.. من أهل القرن الثالث الهجرى.
٣- تفسير أبى يعقوب، يوسف بن إبراهيم الورجلانى.. من أهل القرن السادس الهجرى.