للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استرداد الخلافة، فخرج على الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك، ولكن أتباعه خذلوه وتفرَّقوا عنه فقُتل وصُلب، ثم أُحرق جسده. وقد ورد فى سبب تفرق أصحابه عنه وخذلانهم له "أنه لما اشتد القتال بينه وبين يوسف ابن عمر الثقفى عامل هشام بن عبد الملك، قال الذين بايعوه: ما تقول فى أبى بكر وعمر؟ فقال زيد: اثنى عليهما جدى علىّ، وقال فيهما حسناً، وإنما خروجى على بنى أُمية، فإنهم قاتلوا جدى علياً، وقتلوا جدى حسيناً، فخرجوا عليه ورفضوه، فسُمُّوا رافضة بذلك السبب".

والزيدية أقرب فرق الشيعة إلى الجماعة الإسلامية، إذ أنها لم تغل فى معتقداتها، ولم يُكَفِّر الأكثرون منها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ترفع الأئمة إلى مرتبة الإله أو إلى درجة النبيين.

* *

[قوام مذهب الزيدية]

وقوام مذهب زيد وأتباعه إلى ما قبل طرو التغير عليه والتفرق بين أصحابه، هو ما يأتى:

١- أن الإمام منصوص عليه بالوصف لا بالاسم، وهذه الأوصاف هى: كونه فاطمياً، ورعاً، سخياً، يخرج داعياً الناس لنفسه.

٢- أنه يجوز إمامة المفضول مع وجود مَن هو أفضل منه بتوفر هذه الصفات فيه.

وبنوا على هذا أنه لو وقع اختيار أُولى الحل والعقد على إمام تتوفر فيه هذه الصفات مع وجود مَن تتوفر فيه صحَّت إمامته، ولزمت بَيْعته، ولهذا قالوا بصحة إمامة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، وعدم تكفير الصحابة ببيعتهما.

ولقد كان من مذهب الزيدية جواز خروج إمامين فى قُطْرين مختلفين لا فى قُطْر واحد، كما كان من مذهبهم أن مرتكب الكبيرة إذا لم يتب فهو مُخَلَّد فى النار، وهذا هو عَيْن مذهب المعتزلة. ويظهر أن هذه العقيدة تسرَّبت من المعتزلة إلى الزيدية فقالوا بها كما قالوا بكثير من مبادئهم. والسر فى ذلك هو أن زيداً رحمه الله تتلمذ لواصل بن عطاء، فأخذ عنه آراءه الاعتزالية وقال بها.

غير أن الزيدية لم يدوموا على وحدتهم المذهبية زمناً طويلاً، بل تفرَّقوا واختلفت عقائدهم. وقد ذكر لنا صاحب "المواقف" أنهم تفرَّقوا إلى ثلاث فِرَق، وذكر لكل فرقة خصائصها ومميزاتها وعقائدها، ولا نطيل بذكر ذلك. ومَن أراد الوقوف عليه فليرجع إليه فى موضعه.

* * *

[الإمامية]

أما الإمامية فهم القائلون بأن النبى صلى الله عليه وسلم نص على إمامة علىّ رضى الله عنه نصاً

<<  <  ج: ص:  >  >>