ولقد تأثر المؤلف أيضاً فى تفسيره باعتقاده بعدم رؤية الله وعدم وقوعها، ولهذا لما فسَّر قوله تعالى فى الآية [١٤٣] من سورة الأعراف: {قَالَ رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولاكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} ... الآية، قال ما نصه:{قَالَ رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ} روى لما كرر سؤال الرؤية أوحى الله إليه: يا موسى سلنى ما سألوك فلن أُؤاخذك بجهلهم، {قَالَ لَن تَرَانِي ولاكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} علق على المحال، {فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أى أظهر له أمره واقتداره أو نوره وعظمته، {فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ} تنزيها لك عما لا يليق بك من الرؤية وغيرها، {تُبْتُ إِلَيْكَ} من طلب الرؤية، أو السؤال بلا إذن، {وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين} بأنك لا تُرى".
وعند تفسيره لقوله تعالى فى الآيتين [٢٢، ٢٣] من سورة القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .. يقول: "ناظرة إلى رحمته وإنعامه".
* *
* غفران الذنوب:
ولما كان المؤلف يخالف المعتزلة فى بعض معتقداتهم، فإنَّا نراه يُفسِّر الآيات التى يستندون إليها فى بعض عقائدهم بخلاف تفسيرهم لها، فمثلاً يرى المؤلف أنه يجوز فى حق الله تعالى أن يغفر الذنوب - إلا الشرك - بدون توبة من العبد تفضلاً منه ورحمة، وهذا ما لا يقول به المعتزلة، فلهذا نجده يجرى على هذه العقيدة فى تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٤٨] من سورة النساء: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ} فيقول: {.. إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ} أى الشرك {بِهِ} بدون توبة للإجماع على غفرانها بها، {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} ما سواه من الذنوب بدون توبة، {لِمَن يَشَآءُ} تفضلا، ومقتضاه الوقوف بين الخوف والرجاء".
وهكذا نجد هذا الكتاب يجمع بين الاختصار وسهولة العبارة مع كثير من التعصب للمذهب الشيعى، والدفاع عن أُصوله وفروعه.
* * *
[٦- بيان السعادة فى مقامات العبادة (لسلطان محمد الخراسانى)]
* التعريف بمؤلف هذا التفسير:
مؤلف هذا التفسير هو سلطان محمد بن حيدر الجنابذى الخراسانى أحد متطرفى الإمامية الإثنا عشرية فى القرن الرابع عشر الهجرى.