ومع أن هؤلاء الباطنية قد اتخذوا من تأويل القرآن باباً للوصول إلى أغراضهم، فإنَّا لم نقف لهم على كتب مستقلة فى تفسير كتاب الله تعالى، ولم نسمع أن واحداً منهم كتب تفسيراً جامعاً للقرآن كله، سورة سورة، وآية آية، ولعل السر فى ذلك: أنهم لم يستطيعوا أن يتمشوا بعقائدهم مع القرآن آية آية، ولو أنهم حاولوا ذلك لاصطدموا بعقبات وصعاب لا يستطيعون تذليلها، ولا يقدرون على التخلص منها.
وكل الذى وجدناه لهم فى تفسير القرآن - أو تأويله على الأصح - إنما هو نصوص متفرقة فى بطون الكتب، تعطينا إلى حد ما صورة واضحة، وفكرة جلية عن موقف هؤلاء القوم من القرآن الكريم، ومبلغ تهجمهم على القول فيه بغير علم ولا هُدىً ولا كتاب منير.
وأرى أن أقسم موقف الباطنية من القرآن الكريم إلى قسمين اثنين:
الأول: موقف الباطنية المتقدمين من القرآن الكريم.
والثانى: موقف الباطنية المتأخرين منه أيضاً.
ونريد المتقدمين: الذين أسسوا مذهب الباطنية ومَن قاربهم من الزمن، وبالمتأخرين: البابية والبهائية. وسنوضح عند الكلام عن البابية والبهائية السبب الذى من أجله عددناهم من قبيل الباطنية.