للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما فاته إلا القليل النادر. وقد اشتمل هذا التفسير على جميع ما تدعو إليه الحاجة منه مما يتعلق بالتفسير، مع اختصار لما تكرر لفظاً واتحد معنى بقولى: ومثله ونحوه، وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها، وجدتها فى غيره من تفاسير علماء الرواية، أو من الفوائد التى لاحت لى، من تصحيح، أو تحسين، أو تضعيف، أو تعقيب، أو جمع، أو ترجيح ... فهذا التفسير وإن كبر حجمه فقد كثر علمه، وتوفر من التحقيق قسمه، وأصاب غرض الحق سهمه، واشتمل على ما فى كتب التفاسير من بدائع الفوائد، مع زوائد فرائد، وقواعد شرائد، ثم أرجع إلى تفاسير المعتمدين على الدراية، ثم انظر فى هذا التفسير بعد النظرين، فعند ذلك يسفر الصبح لذى عينين، ويتبين لك أن هذا الكتاب هو اللُّباب، وعجب العُجاب، وذخيرة الطُلاب، ونهاية مآرب أُولى الألباب ... وقد سميته "فتح القدير، الجامع بين فنى الرواية والدراية من علم التفسير".

مما تقدم يتضح لك جلياً طريقة المؤلف التى سلكها فى تفسيره هذا، وقد رجعت إلى هذا التفسير وقرأت فيه كثيراً، فوجدته يذكر الآيات، ثم يفسِّرها تفسيراً معقولاً ومقبولاً، ثم يذكر بعد الفراغ من ذلك: الروايات التفسيرية الواردة عن السَلَف، وهو ينقل كثيراً عمن ذكر من أصحاب كتُب التفسير. ووجدته يذكر المناسبات بين الآيات، ويحتكم إلى اللُّغة كثيراً. وينقل عن أئمتها كالمبرد وأبى عبيدة والفرَّاء، كما أنه يتعرض أحياناً للقراءات السبع، ولا يفوته أن يعرض لمذاهب العلماء الفقهية فى كل مناسبة، ويذكر اختلافاتهم وأدلتهم، ويُدلى بدلوه بين الدلاء، فيرجح، ويستظهر، ويستنبط، ويعطى نفسه حرية واسعة فى الاستنباط، لأنه يرى نفسه مجتهداً لا يقل عن غيره من المجتهدين.

* *

[نقله للروايات الموضوعة والضعيفة]

غير أنى آخذ عليه - كرجل من أهل الحديث - أنه يذكر كثيراً من الروايات الموضوعة، أو الضعيفة، ويمر عليها بدون أن ينبه عليها.

فمثلاً نجده عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٥٥] من سورة المائدة: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ} ... الآية، وقوله فى الآية [٦٧] منها: {ياأيها الرسول بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} ... الآية، يذكر من الروايات ما هو موضوع على ألسن الشيعة، ولا ينبه على أنها موضوعة، مع أنه يقرر عدم صلاحية مثل هذه الروايات للاستدلال على إمامة علىّ، ففى الآية الأولى يقول: {.. وَهُمْ رَاكِعُونَ} جملة حالية من فاعل للفعلين اللَّذين قبله، والمراد بالركوع: الخشوع والخضوع، أى يقيمون الصلاة، ويؤتون

<<  <  ج: ص:  >  >>