ربها: ابن لى بيتاً فى أخص أطوار القلب، وقالت أيضاً فى مناجاتها: نجنى من هذه القوة الفاسدة والفاعلة وعملها. ونجنى من أنوائها وقواها الظالمة ... ".
وفى سورة الشمس عند قوله تعالى فى الآيات [١١] وما بعدها: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ * إِذِ انبعث أَشْقَاهَا} ... (إلى أخر السورة) .
يقول:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ * إِذِ انبعث أَشْقَاهَا} يعنى إذ انبعثت اللطيفة، وأسرعت إلى الطاغية انبعث أشقى قوى النفس على إثر اللطيفة الصالحة، ليعقر ناقة شوقها، {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله} أى اللطيفة، {نَاقَةَ الله وَسُقْيَاهَا} أى احذروا عقر ناقة الشوق وشربها من عين الذكر، {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} بتكذيبهم صالح اللطيفة النفسية، وعقروا ناقة الشوق، {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ} ، أى أهلكهم الله، {فَسَوَّاهَا} أى عمَّهم بذلك العذاب، {وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا} ولا يخاف القوى العاقرة فى عقر ناقة الشوق عاقبة الأمر، فأهلكهم بطغيانهم لرسوله وتكذيبهم إياه".
* * *
[٥- التفسير المنسوب لابن عربى]
* مَن مؤلف هذا التفسير؟
هذا التفسير طبع مجرداً من مجلدين، وطبع على هامش عرائس البيان فى حقائق القرآن، لأبى محمد بن أبى النصر الشيرازى، الصوفى، الذى تكلمنا عنه فيما مضى. وكلتا النسختين يُنسب فيهما التفسير لابن عربى، وبعض الناس يُصَدِّق هذه النسبة، ويعتقد أن هذا التفسير من عمل ابن عربى نفسه، والبعض الآخر لا يصدق أن هذا التفسير من عمل ابن عربى، بل يرى أنه من عمل عبد الرزاق القاشانى، وإنما نُسب لابن عربى ترويجاً له بين الناس، وتشهيراً له بشهرة ابن عربى. وممن يرى هذا الرأى الأخير: المرحوم الشيخ محمد عبده فى مقدمة التفسير التى اقتبسها المرحوم الشيخ رشيد رضا من درسه، ورواها عنه بالمعنى، ووضعها فى مقدمة تفسير المنار. وذلك حيث يذكر وجوه التفسير يعد منها التفسير الإشارى، ثم يقول:"وقد اشتبه على الناس فيه كلام الباطنية بكلام الصوفية، ومن ذلك: التفسير الذى ينسبونه للشيخ الأكبر محيى الدين ابن عربى، وإنما هو للقاشانى الباطنى الشهير، وفيه من النزعات ما يتبرأ منه دين الله وكتابه العزيز".
ونحن مع الأستاذ الإمام فى أن هذا التفسير للقاشانى، لا "لابن عربى" وإن كنا لا نوافقه على دعواه أن القاشانى من الباطنية، كما سنوضحه بعد إن شاء الله تعالى.