للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما لم يكن لنسوة صفات البشرية اطلاع على جمال يوسف القلب، كن يلمن الدنيا على محبته، فقلن: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} .. {فَلَمَّا سَمِعَتْ} زليخا الدنيا {بِمَكْرِهِنَّ} فى ملامتها، {أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ} أى الصفات، {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً} أى هيأت طعمة مناسبة لكل صفة منها، {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً} وهو سكين الذكر، {وَقَالَتِ} زليخا الدنيا ليوسف القلب، {اخرج عَلَيْهِنَّ} وهو إشارة إلى غلبة أحوال القلب على صفات البشرية، {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ} أى وقعن على جماله وكماله، {أَكْبَرْنَهُ} أكبرن جماله أن يكون جمال بَشَر، {وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا هاذا بَشَراً} أى جمال بشر، {إِنْ هاذآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} ما هذا إلا جمال ملك كريم، وهو الله تعالى بقراءة من قرأ مَلِك - بكسر اللام".

وفى سورة النمل عند قوله تعالى فى الآيتين [١٧، ١٨] {وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجن والإنس والطير فَهُمْ يُوزَعُونَ * حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} .. يقول: {وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجن} أى صفته الشيطانية، {والإنس} أى صفته النفسانية، {والطير} ، أى صفته المالكية، {فَهُمْ يُوزَعُونَ} عن طبيعتهم بالشريعة. ليسخِّروا لسليمان القلب وينقادوا له، {حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل} وهو هوى النفس الحريصة على الدنيا وشهواتها، {قَالَتْ نَمْلَةٌ} وهى النفس اللَّوامة، {ياأيها النمل} أى الصفات النفسانية، {ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ} محالكم المختلفة وهى الحواس الخمس، {لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ} ، {سُلَيْمَانُ} القلب، {وَجُنُودُهُ} المسخَّرة له، {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} لأنهم الحق، وأنتم الباطل، فإذا جاء الحق زهق الباطل، كما أن الشمس إذا طلعت تبطل الظلمة وتنفيها، وهى لا تشعر بحال الظلمة وما أصابها".

* *

* من تأويلات السمنانى:

فى سورة التحريم عند قوله تعالى فى الآية [١١] : {وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امرأت فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين} .. يقول: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ} يعنى القوى المؤمنة من قوى النفس اللوَّامة، {امرأت فِرْعَوْنَ} يعنى القوة الصالحة القابلة تحت القوة الفاسدة الفاعلة المستكبرة، ما ضرَّها كفر القوة الفاعلة الفاسدة إذا كانت صالحة هى بنفسها، {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين} يعنى إذ قالت اللطيفة الصالحة القابلة فى مناجاتها مع

<<  <  ج: ص:  >  >>