ظاهراً، لا بطريق التعريض بالوصف كما يقول الزيدية، كما أنهم يحصرون الإمامة بعد علىّ فى ولده من فاطمة رضى الله عنها.
وأصحاب هذا المذهب قد بالغوا فى تشيعهم، وتعدوا حدود العقل والشرع، فكفَّروا الكثير من الصحابة، واعتبروا أبا بكر وعمر مغتصبين للخلافة ظالمين لعلىّ رضى الله عنه، فأوجبوا التبرؤ منهما، ولم يسلم من هذا التطرف إلا نفر قليل، كالعلامة الطبرسى صاحب التفسير.
وقد اتفق الإمامية على إمامة علىّ رضى الله عنه، ثم انتقلت الإمامة إلى ابنه الحسن بالوصية له من أبيه، ثم إلى أخيه الحسين من بعده، ثم إلى ابنه علىّ زين العابدين، ثم إلى ابنه محمد الباقر، ثم إلى ابنه جعفر الصادق، ثم اختلفوا بعد ذلك فى سَوْق الإمامة، وانقسموا إلى فِرَق عدة أشهرها فرقتان: الإمامية الإثنا عشرية، والإمامية الإسماعيلية.
[الإمامية الإثنا عشرية]
أما الإمامية الإثنا عشرية، فيرون أن الإمامة بعد جعفر الصادق انتقلت إلى ابنه موسى الكاظم، ثم إلى ابنه علىّ الرضا، ثم إلى ابنه محمد الجواد، ثم إلى ابنه علىّ الهادى، ثم إلى ابنه الحسن العسكرى، ثم إلى ابنه محمد المهدى المنتظر وهو الإمام الثانى عشر، ويزعمون أنه دخل سرداباً فى دار أبيه بـ "سرُ مَن رأى" ولم يعد بعد، وأنه سيخرج فى آخر الزمان، ليملأ الدنيا عدلاً وأمناً، كما مُلئت ظلماً وخوفاً.
وهؤلاء قد جاوزوا الحد فى تقديسهم للأئمة، فزعموا: أن الإمام له صلة روحية بالله كصلة الأنبياء. وقالوا: إن الإيمان بالإمام جزء من الإيمان بالله، وأن مَن مات غير معتقد بالإمام فهو ميت على الكفر، وغير ذلك من اعتقاداتهم الباطلة فى الأئمة.
أما العصمة: فيقصدون منها أن الأئمة معصومون من الصغائر والكبائر فى كل حياتهم، ولا يجوز عليهم شىء من الخطأ والنسيان.
وأما المهدية: فيقصدون منها الإمام المنتظر الذى يخرج فى آخر الزمان فيملأ الأرض أمناً وعدلاً، بعد أن مُلئت خوفاً وجوراً. وأول مَن قال بهذا هو "كيسان" مولى علىّ بن أبى طالب فى محمد ابن الحنفية. ثم تسرَّبت إلى طوائف الإمامية، فكان لكل منها مهدى منتظر.