قالوا: فهذا يدل على أن كلام الشيخ لا يُراد به ظاهره، وإنما له محامل تليق به.
ومن العلماء مَن يُنزِّه ابن عربى عن هذه العبارات الموهمة ويقول: إن ما جاء من ذلك فهو مدسوس عليه، ويروون فى ذلك أن الشعرانى الذى اختصر الفتوحات قال:"وقد توقفتُ حال الاختصار فى مواضع كثيرة منه، لم يظهر لى موافقتها لما عليه أهل السُّنَّة والجماعة. فحذفتها من هذا المختصر. وربما سهوت فتبعت ما فى الكتاب، كما وقع للبيضاوى مع الزمخشرى، ثم لم أزل كذلك أظن أن المواضع التى حُذفت ثابتة عن الشيخ محيى الدين، حتى قدم علينا الأخ العالِم الشريف شمس الدين السيد محمد بن السيد أبى الطيب المدنى المتوفى سنة ٩٥٥ هـ (خمسة وخمسون وتسعمائة من الهجرة) ، فذاكرته فى ذلك، فأخرج إلىّ نسخة من الفتوحات التى قابلها على النسخة التى عليها خط للشيخ محيى الدين نفسه بقونية، فلم أر فيها شيئاً مما توقفت فيه وحذفته، فعلمت أن النسخ التى فى مصر الآن كلها كتبت من النسخة التى دسوا على الشيخ فيها ما يخالف عقائد أهل السُّنَّة والجماعة، كما وقع له ذلك فى كتاب الفصوص وغيره".
ومهما يكن من شىء، فابن عربى مُعقَّد فى أفكاره، موهم فى ألفاظه وتعابيره، مشكل فى أكثر ما يقول. ومع كل هذا فلا أتهمه فى عقيدته، لجهلى باصطلاحات القوم ورموزهم. وكلمه الإنصاف فيه - كما أعتقد - قول الحافظ الذهبى عنه:"وله توسع فى الكلام، وذكاء، وقوة خاطر، وحافظة وتدقيق فى التصوف، وتآليفه جمَّة فى العرفان، ولولا شطحه فى الكلام لم يكن به بأس".
* *
[مذهب ابن عربى فى تفسير القرآن الكريم]
يقوم مذهب ابن عربى فى التفسير غالباً على نظرية وحدة الوجود التى يدين بها، وعلى الفيوضات والوجدانيات التى تنهل عليه من سحائب الغيب الإلهى، وتنقذف فى قلبه من ناحية الإشراق الربانى.
أما من الناحية الأولى: ناحية التأثر بمذهب وحدة الوجود. فإنَّا نراه فى كثير من الأحيان يتعسف فى التأويل، ليجعل الآية تتمشى مع هذه النظرية. وهذا - فيما أعتقد - منهج كله شر فى التفسير، فهو يبدل فيما أراد الله من آياته، ويقسرها على