ومؤلف هذا التفسير هو العلامة محمد بن علي بن عبد الله الشوكانى، وُلِد فى سنة ١١٧٣هـ (ثلاث وسبعين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية) ، فى بلدة هجرة شوكان. ونشأ - رحمه الله تعالى - بصنعاء، وتربى فى حجر أبيه على العفاف والطهارة، وأخذ فى طلب العلم والسماع من العلماء الأعلام، وجَدَّ فى طلب العلم، واشتغل كثيراً بمطالعة كتب التاريخ ومجاميع الأدب، وسار على هذه الطريقة ما بين مطالعة وحفظ، وما بين سماع وتلق، إلى أن صار إماماً يُعَوَّل عليه، ورأساً يُرحل إليه "فريداً فى عصره، ونادرة لدهره، وقدوة لغيره، بحراً فى العلم لا يُجارَى، ومفسِّراً للقرآن لا يُبارَى، ومُحَدِّثاً لا يشق له غبار، ومجتهداً لا يثبت أحد معه فى مضمار".
ولقد خلَّف رحمه الله كتباً فى العلم نافعة وكثيرة، أهمها: كتاب "فتح القدير" فى التفسير، وهو الكتاب الذى نحن بصدد الكلام عنه، وكتاب "نيل الأوطار فى شرح منتقى الأخبار" فى الحديث، وكتاب "إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والميعاد والنبوات". رد به على موسى ابن ميمون الأندلسي اليهودى، وغير هذا كثير من مؤلفاته.
تفقه رحمه الله على مذهب الزيدية، وبرع فيه، وألَّف وأفتى. ثم خلع ربقة التقليد، وتحلَّى بمنصب الاجتهاد، وألَّف رسالة سماها "القول المفيد فى أدلة الاجتهاد والتقليد"، تحامل عليه من أجلها جماعة من العلماء، وأرسل إليه أهل جهته سهام اللوم والمقت، وثارت من أجل ذلك فتنة فى صنعاء اليمن بين مَن هو مُقَلِّد ومن هو مجتهد.
وعقيدة الشوكانى عقيدة السَلَف، من حمل صفات الله تعالى الواردة فى القرآن والسُّنَّة على ظاهرها من غير تأويل ولا تحريف، وقد ألَّف فى ذلك رسالة "التحف بمذهب السَلَف".
هذا وقد توفى الشوكانى رحمه الله سنة ١٢٥٠هـ (خمسون بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية) ، فرحمه الله وأرضاه.
* *
[التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه]
يعتبر هذا التفسير أصلاً من أُصول التفسير، ومرجعاً مهماً من مراجعه، لأنه جمع