فإذا كان هؤلاء لا يقبلون أقوال الصحابة، ولا يثقون بروايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن فمَن يقبلون قوله؟ ومَن يثقون بروايته؟
الذى عليه الشيعة إلى اليوم، أنهم لا يأخذون الحديث إلا ممن كان شيعياً، ولا يقبلون تفسيراً إلا ممن كان شيعياً، ولا يثقون بشئ مطلقاً إلا إذا وصل إليهم من طريق شيعى!! ... وبهذا حصروا أنفسهم فى دائرة خاصة، حتى كأنهم هم المسلمون وحدهم، فإن عاشوا وسط السنيين فباطنهم لأنفسهم، وظاهرهم للتقية!!
وليت الأمر وقف بهم عند هذا الحد - حد الثقة بأشياعهم والاتهام لمن عداهم - بل وجدنا الرؤساء من الشيعة كجابر بن يزيد الجعفى وغيره - قد استغلوا أفكار الجمهور الساذجة، وقلوبهم الطيبة الطاهرة، وحبهم لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراحوا يضعون الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته، ويضمنونها ما يَرضى ميولهم المذهبية، وأغراضهم السيئة الدنيئة، ولم يفتهم أن يحكموا أسانيد هذه الشيعة لأنهم وجدوها مؤيدة لدعواهم..
ويعجبنى هنا ما ذكره أبو المظفر الإسفرائينى فى كتابه "التبصير فى الدين"، وهو: أن الروافض "لما رأوا الجاحظ يتوسع فى التصانيف، ويصنف لكل فريق، قالت له الروافض: صنِّفْ لنا كتاباً، فقال لهم: لستُ أدرى لكم شبهة حتى أرتبها وأتصرف فيها، فقالوا له: إذن دلنا على شئ نتمسك به، فقال: لا أرى لكم وجهاً إلا أنكم إذا أردتم أن تقولوا شيئاً تزعمونه، تقولون: إنه قول جعفر بن محمد الصادق، لا أعرف لكم سبباً تستندون إليه غير هذا الكلام. فتمسكوا بحمقهم وغباوتهم بهذه السوءة التى دلَّهم عليها، فكلما أرادوا أن يختلقوا بدعة أو يخترعوا كذبة، نسبوها إلى ذلك السيد الصادق، وهو عنها منزَّه ومن مقالتهم فى الدارين برئ". * *
[أهم الكتب التى يعتمدون عليها فى رواية الأحاديث والأخبار]
هذا.. وللإمامية الإثنا عشرية كتب كثيرة، يعتمدون عليها فى رواية الأحاديث والأخبار، ويُنزلونها من أنفسهم منزلة سامية، ويثقون بها وثوقاً بالغاً، فمن أهم هذه الكتب ما يأتى:
أولاً: كتاب "الكافى"، وهو أهم الكتب عند الإمامية الإثنا عشرية على الإطلاق، وهو لأبى جعفر محمد بن يعقوب الكلينى المتوفى سنة ٣٢٨ هـ (أو ٣٢٩هـ) . وهو عندهم كالبخارى عند أهل السُّنَّة، وهذا الكتاب يحتوى على ستة عشر ألف حديث، قسمها - كما فعل أهل السُّنَّة - إلى صحيح، وحسن، وضعيف. وهو يقع فى ثلاث مجلدات: المجلد الأول فى الأصول، والثانى والثالث فى الفروع.