وأما استحلال أمانات مَن خالفنا. فإن الله تعالى أحلَّ لنا أموالهم كما أحلَّ دماءهم لنا، فدماؤهم حلال طلق وأموالهم فئ للمسلمين".
ولا شك لدينا فى أن نافع بين الأزرق متعصب فى فهمه للآيات على النحو الذى جاء فى رسالته هذه، وهو تعصب بلغ به إلى درجة المغالطة، وإلا فهو جهل منه بمواقع كلام الله، ومدلول آياته.
* *
[مدى فهم الخوارج لنصوص القرآن]
هذا.. وإن الخوارج عندما ينظرون إلى القرآن لا يتعمقون فى التأويل ولا يغوصون وراء المعانى الدقيقة، ولا يكلِّفون أنفسهم عناء البحث عن أهداف القرآن وأسراره، بل يقفون عند حرفية ألفاظه، وينظرون إلى الآيات نظرة سطحية، وربما كانت الآية لا تنطبق على ما يقصدون إليه، ولا تتصل بالموضوع الذى يستدلون بها عليه، لأنهم فهموا ظاهراً معطلاً، وأخذوا بفهم غير مراد.
ولقد يعجب الإنسان ويدهش عندما يقرأ ما للقوم من سخافات فى فهمهم لبعض نصوص القرآن، أوقعهم فيها التنطع والتمسك بظواهر النصوص، ولكى لا أُتهم بالقسوة فى حكمى هذا، أضع بين يدى القارئ الكريم بعض ما جاء عن القوم، حتى لا يجد مفراً من الحكم عليهم بمثل ما حكمت به.
"رُوىَ أن عبيدة بن هلال اليشكرى اتُهِمَ بامرأة حدَّاد رأوه يدخل منزله بغير إذنه، فأتوا قطرياً فذكروا ذلك له، فقال لهم: إن عبيدة من الدين بحيث علمتم، ومن الجهاد بحيث رأيتم، فقالوا: إنَّا لا نقاره على الفاحشة، فقال: انصرفوا.. ثم بعث إلى عبيدة فأخبره وقال: إنَّا لا نقار على الفاحشة، فقال: بهتونى يا أمير المؤمنين فما ترى؟ قال: إنى جامع بينك وبينهم، فلا تخضع خضوع المذنب، ولا تتطاول تطاول البرئ.. فجمع بينهم فتكلموا، فقام عبيدة فقال: بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّ الذين جَآءُوا بالإفك عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} ... الآية [١١] وما بعدها من سورة النور - فبكوا وقاموا إليه فاعتنقوه وقالوا: استغفر لنا.. ففعل".
"ويُروى أن واصل بن عطاء وقع هو وبعض أصحابه فى يد الخوراج فقال لأصحابه: اعتزلوا ودعونى وإياهم - وكانوا قد أشرفوا على العطب - فقالوا: شأنك.. فخرج إليهم فقالوا: ما أنت وأصحابك؟ قال: مشركون مستجيرون ليسمعوا كلام الله ويعرفوا حدوده، فقالوا: قد أجرناكم. قال: فعلِّمونا، فجعلوا يُعلِّمونه أحكامهم، وجعل يقول: قد قبلتُ أنا ومَن معى. قالوا: فامضوا مصاحبين فإنكم إخواننا. قال: ليس