ونستطيع أن نعتبر الأستاذ الأكبر محيى الدين بن عربى شيخ هذه الطريقة فى التفسير، إذ أنه أظهر مَن خَبَّ فيها ووضع، وأكثر أصحابه معالجة للقرآن على طريقة التصوف النظرى، وإن كان له من التفسير الإشارى ما يجعله فى عداد المفسِّرين الإشاريين إن لم يكن شيخهم أيضاً.
* *
[تأثر ابن عربى بالنظريات الفلسفية]
نقرأ لابن عربى فى الكتب التى يُشَك فى نسبتها إليه، كالتفسير المشهور باسمه، وفى الكتب التى تُنسب إليه على الحقيقة كالفتوحات المكية، والفصوص، فنراه يطبق كثيراً من الآيات القرآنية على نظرياته الصوفية الفلسفية.
فمثلاً يُفسِّر بعض الآيات بما يتفق والنظريات الفلسفية الكونية، فعند قوله تعالى فى الآية [٥٧] من سورة مريم فى شأن إدريس عليه السلام: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} ... نجده يقول:"وأعلى الأمكنة المكان الذى تدور عليه رحى عالَم الأفلاك، وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس، وتحته سبعة أفلاك، وفوقه سبعة أفلاك، وهو الخامس عشر".
ثم ذكر الأفلاك التى تحته، والتى فوقه، ثم قال:"وأما علو المكانة فهو لنا - أعنى المحمدين - كما قال تعالى:{وَأَنتُمُ الأعلون والله مَعَكُمْ} فى هذا العلو، وهو يتعالى عن المكان لا عن المكانة".
وعند قوله تعالى فى الآية [٨٧] وما بعدها من سورة البقرة: {وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بالرسل} ... . إلى قوله:{كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}